المجلد 3 , العدد 4 , جمادى الأولى 1425 - تموز (يوليو) 2004
تعدد أشكال النكليوتيدات المفردة
Single Nucleotide Polymorphisms
د. رحاب الصوّاف
Sawaf Rihab
كشفت الأبحاث الجينية الحديثة ولأول مرة عن وجود اختلاف قدره واحد بالألف في بنية الـ DNA بين أفراد البشر.
فالبشر كافة يملكون تركيبة الـ DNA نفسها والذي يتألف كما هو معلوم من شريطين ملتفين حول بعضهما البعض بما يشبه السلم الملفوف والذي تتكون جوانبه من جزيئات السكر والفسفات وتتكون درجاته من مجموعة من الأسس النتروجينية وهي A, G, C, T والتي يصل عددها إلى 3 مليارات قاعدة أو أساس.
فإذا كانت تركيبة الـ DNA هي نفسها، فلماذا يختلف البشر عن بعضهم البعض؟
الحقيقة أن استبدال حرف واحد في سلسلة الـ DNA يؤدي إلى تبدل مفرد للنيكليوتيد بحيث يأخذ أشكالاً مختلفة، وهذا التبدل هو ما يسمى بتعدد أشكال النكليوتيدات المفردة (SNPs)، ويُعده البعض كبهارات الحياة، وهو يؤدي إلى ظهور اختلافات قدرها 0.1% بين البشر.
فالـ SNPs هو الشكل الأكثر تبدلاً في المادة الوراثية، وهو الشكل الذي يميز الأشخاص عن بعضهم، ويتكرر الـ SNPs كل 100 – 300 أساس نتروجيني، وتحتوي المادة الوراثية على 10 – 30 مليون SNPs، تم التعرف على أكثر من 4 مليون منهم، 1% منهم يتواجد على المورثة نفسها ويدعى عندها بالتبدل المرجعي rsSNPs نظراً لتأثيره على ثباتية وعمل المورثة، خاصة في حالة توضعه على المناطق الفعالة في المورثة (مناطق الـExon ) وليس في مناطق الـ Intron الأقل فعالية، ومن هنا تنشأ أهمية الـ SNPs كمشعرات وراثية فردية تلعب دوراً في تفسير قابلية الفرد للإصابة بالمرض، أو قابليته للاستجابة لدواء معين أو لفيروس معين، كما تُعد كمشعرات أو إشارات متألقة تساعد على تعيين التسلسل الجيني.
كما هو معلوم فإن معظم الأمراض ذات منشأ وراثي، كما أنها لا ترتبط بمورثة واحدة وإنما بمجموعة مورثات ومجموعة عوامل بيئية أو شخصية كالـ SNPs. كما أن هنالك 400 درجة للطفرة التي تحدث على المورثات يتراوح تأثيرها ما بين القاتل والعابر. مثال ذلك عند استبدال الأساس T بالأساس A في السلسلة الأولى من مورثة الغلوبين بيتا ينتج عنه تبدل في الحمض الأميني الموجود في بنية ذرة البيتا غلوبين، فيتحول حمض الغلوتاميك إلى حمض الفالين، مما يحول الكرية الحمراء الطبيعية إلى كرية حمراء شاذة مرافقة لفقر الدم المنجلي، ومن الملاحظ ارتفاع تواتر الـ SNPs المسؤولة عن فقر الدم المنجلي لدى الشعوب الأفريقية – الأمريكية.
وكما أن الـ SNPs يؤدي أحياناً إلى أضرار، فإن بعضاً منه ذو فائدة كبيرة في رفع مقاومة بعض الشعوب لبعض الأمراض كما هو الحال في ارتفاع مناعة الشعوب القوقازية الموجودة في أوروبا الشمالية تجاه فيروس الـ HIV (الإيدز).
هذا وقد حدد العلماء خواصاً وفوائد كثيرة للـ SNPs فهي:
1- تبدلات تحدث على سلسلة الـDNA .
2- تتكرر كل 200- 300 أساس نتروجيني.
3- يتراوح عددها بين 10 – 30 مليون الـ SNPs.
4- تم الكشف عن 4 مليون منها.
5- 1% منهم يتوضع على المورثات نفسها وتدعى عندها بالـ SNPs المرجعية rs SNPs)).
6- معظم الـ SNPs مفيدة.
7- جزء بسيط منها يرتبط بالأمراض.
8- يمكن اعتبارها كشارات ضوئية سهلت دراسة التسلسل الجيني للمورثات ولسلسلة الـ DNA بالكامل أثناء وضع الخريطة الوراثية.
9- هي مشعرات جينية تشخيصية ذات قيمة أثناء تحديد الأشخاص ذوو عامل الخطورة المحتمل لظهور الأمراض.
10- لها صفة النوعية، فكل أسبوع يتم تحديد SNPs جديدة مرافقة لأمراض محددة، مثل التهاب الكولون التقرحي، الزهايمر، الداء السكري، باركنسون والكثير الكثير من الأمراض.
11- تفيد دراسة الـ SNPs في كشف التبدلات الوراثية الحاصلة على العضويات الدقيقة من جراثيم أو فيروسات كما هو الحال في السلالات الجديدة من عصيات الـ E.Coli وفيروسات الـHIV التي تبدي مقاومة شديدة للدواء بسبب زيادة تواتر الطفرات وخاصة على مستوى الـ SNPs.
12- دراسة الـ SNPs تفيد في مجال البحوث الزراعية بغية متابعة التبدلات الوراثية الحاصلة على المحاصيل من مقاومة للحشرات وللأعشاب الضارة.
ونظراً لأهمية وضع خريطة الـ SNPs كما هو حال الخريطة الوراثية تم عام 2002 إنشاء مجموعة عمل موحدة لأكبر عشر شركات دواء عالمية عملاقة وبرأس مال مشترك وهي:
شركة Bayer، شركة Squibb، شركة Hoffman La Roche، شركةGlaxo Welcome، شركة Hoechst، شركة Pfizer، شركة Novartis، شركة Rorer، شركة Searle وشركةSmith kline Beacham.
سُميت مجموعة العمل هذه SNP Consortium، وهدف هذه المجموعة هو وضع خريطة للـ SNPs، تفيد في تطبيق فكرة زَبونة الدواء Customized Medicine، أي إعطاء الدواء، بالتركيز والوقت المناسبين وللشخص المناسب، ويتم ذلك عن طريق التصوير الجيني للمريض من أجل تحديد خريطته الوراثية والـ SNPs الخاص به، وذلك قبل بدء العلاج. ويأملون بتطبيق هذه الطريقة خاصة في مجال معالجة الأورام والتي كثيراً ما يلاحظ عدم استجابتها لطرق العلاج الكيماوية بالرغم من زيادة التركيز ويأمل العلماء، أنه بحلول عام 2015، سيتم دراسة الاستجابة الجزيئية للدواء عن طريق دراسة هذه التبدلات مباشرة بعد تناول الدواء دون الانتظار لأسابيع قبل معرفة مدى التحسن.
طرق كشف وتنميط الـ SNPs
SNPs Detection and Genotyping Methods
طرق كثيرة للكشف وتختلف بحسب المبادئ الأساسية في التنميط فمنها الطرق الكيماوية مثال:
1- Allele Specific Hybridization.
2- Polymerase Extension.
3- Enzymatic Cleavage.
4- Flap Endonuclease Discrimination
ومنها طرق التحري التي تعتمد على:
- Fluorescence.
- Colorimetric Methods.
- Chemiluminiscence.
- Mass Spectrometry
تحتاج معظم هذه الطرق إلى حواسب ورقائق وكواشف متميزة، وهذا يؤدي لارتفاع كلفة تنميط الـ SNPs الواحد لتصل إلى دولار أو نصف دولار أمريكي، بحسب دقة الطريقة ونوعيتها. وحالياً ونتيجة التنافس الكبير بين الشركات المصنعة للالكترونيات ولطواقم الكشف ونتيجة دخولنا عالم الـ PCR انخفضت كلفة تنميط الـ SNPs الواحد إلى 20 – 35 سنت أميركي.
رغم ذلك لازالت كلفة التنميط مرتفعة خاصة عندما نتذكر أن هناك 1.42 مليـون
الـ SNPs لم يتم التعرف إلا على جزء ضئيل منهم، وتعمل كل من شركة IBM وشركة MOTORELLA على الوصول إلى كلفة تنميط للـ SNPs تعادل واحد سنت أمريكي.
توزع الـ SNPs في الكروموزوم الخامس.
هذا ومن الممكن حالياً كشف 4500 SNPs خلال ربع ساعة أو 400.000 SNPs كل 24 ساعة، وذلك عند استخدام طريقة الرحلان المناعي الكهربائي الشعريCapillary electrophoresis sequencing system وهي طريقة واعدة للكشف الرخيص والسريع. ويجب أن لا ننسى أنه للكشف عن مرض واحد معقد، يجب إجراء تنميط لأكثر من 500 – 1000 مريض وذلك من أجل الحصول على علاقة مفيدة وواضحة بين الـ SNPs والمرض.
هذا وفي عالم التبدلات الدقيقة أو عالم الـ SNPs فقد صحت مقولة بعض العلماء للألفية الثالثة بأنها بدأت مع بداية القرن البيولوجي لما لهذه الإكتشافات والبحوث من أهمية كبيرة.
ولا نستغرب إذا ما تباينت هذه الأرقام إلى حين وصولها إلينا نتيجة التباين العديد لهذه الدراسات حيث تطالعنا مجموعة العمل الدولية (I.S.M.W.) والتي تعمل على وضع خريطة للـ SNPs بنشرات دورية أسبوعية تحمل أنباءً جديدة عن اكتشافات جديدة تربط أمراضاً معينة بـ SNPs معينة.