بحث في أعداد المجلة
الجملة  
المؤلف   
 

المجلد 4 , العدد 5 , ربيع الأول 1428 - نيسان (إبريل) 2007
 
جَوْدة النتائج المخبرية السريرية
Quality of Clinical Laboratory Results
د. نجيب كيالي
Kayaly Najib
الجزء الثالث: المحاليل المعيارية والمنحنى المعياري
الملخص Abstract
سنعرِض في هذه المقالة لكل من المحاليل المعيارية Standard solutions الأولية والثانوية وطريقة تحضيرها وتحليلها وحساب تراكيزها في شروط العمل، والمنحنى المعياري Standard curve الذي يمثِّل العلاقة بين تراكيز المادة والقراءات، التي هي في القياس الضوئي قيم التَّمَاصّ Absorbance, A، أي الكثافة البصرية Optical Density OD غالباً، كما سنعرِض لأنماط الورق البياني التي تُستخدَم في إنشاء المنحنى المعياري، وطريقة إنشاء هذا المنحنى بشكليه البسيط والعالي الضبط، وطريقة حساب نتائج القياسات اعتماداً على المنحنى المذكور.  
1- المحاليل المعيارية 
تُحضَّر المحاليل المعياريةStandard solutions من مواد تدعى بالمعايـير Standards أو المـواد المعياريـة Standard materials. إن المعايير هي عبارة عن مواد ذات نقاوة معلومة، تُستعمَل كميات محدَّدة منها كأساس لمقارنة القياسات لدى تعيين تراكيز هذه المواد أو مواد أخرى وثيقة الصلة بها، وذلك في عيِّنة ما، كعيِّنة السائل الحيوي.
والمعايير نوعان: معايير أوليةPrimary standards ومعايير ثانويةSecondary standards.

المعايير الأولية: هي مواد عالية النقاوة والثباتية يمكن أن توزن أو تقاس بشكل مضبوط لتُحَلّ في مذيبات مناسبة بهدف تحضير محاليل معيارية ذات تراكيز معلومة. ودرجة نقاوة المعايير الأولية المقترَحة من قبل الاتحاد الدولي للكيمياء البحتة والتطبيقية IUPAC هي 99.98%؛ إلا أن درجة النقاوة هذه لا يمكن ولا يلزم تحقيقها بالنسبة إلى معظم المعايير الكيميائية السريرية. وأما ثباتية المعايير الأولية فيجب أن تكون عالية بحيث تسمح بتجفيفها في درجة الحرارة 104 – 110oم دون حصول تبدل في تركيبها.
وبالإضافة إلى النقاوة والثباتية هناك خاصيات أخرى يجب أن تتسم بها المعايير الأولية:
- ألاّ تكون قابلة للاسترطاب كيلا تمتص الماء في أثناء الوزن؛
- أن يكون وزنها المكافئ عالياً كيلا يكون لأخطاء الوزن تأثير جوهري؛
- أن تكون قابلة للتحليل بشكل مضبوط وبعمليات تامة وسريعة ونوعية، أي غير مصحوبة بعمليات تفاعلية ثانوية.
المعايير الثانوية: هي مواد لا يمكن أن توزن أو تقاس بشكل مضبوط، بل تُعيَّن كميتها المضبوطة بالتحليل الكيميائي فقط بعد أن توزن أو تقاس كمية منها بشكل تقريبي وتُحَلّ في حجم معيَّن من مذيب مناسب؛ ويتم تعيين الكمية الموزونة أو المَقيسة بشكل مضبوط بمعايرة المحلول المحضَّر مقابل محلول يحتوي على وزن معلوم من معيار أولي أو مقابل حجم معلوم من معيار أولي.
إن المحاليل المعيارية هي كالمعايير نوعان: محاليل معيارية أولية ومحاليل معيارية ثانوية.
إن المحاليل المعيارية الأولية هي محاليل ذات تراكيز معلومة تُحضَّر بوزن أو قياس المعايير الأولية وحَلّها في مذيبـات مناسبة.
وأما المحاليل المعيارية الثانوية فهي محاليل تُحضَّر بوزن أو قياس المعايير الثانوية بشكل تقريبي وحَلّها في مذيبات مناسبة، ثم يُعيَّن تركيزها المضبوط بالتحليل الكيميائي فقط.
وتُعَدّ المحاليل المعيارية الأولية المحاليلَ المثالية. ولهذا فإن استخدامها هو المفضَّل إلا في الحالات التي لا يمكن فيها أن تُحضَّر، حيث تُستخدَم عندئذ المحاليل المعيارية الثانوية، كما هو عليه الحال لدى تحضير الألبومين، إذ أنه يحتوي على رطوبة بنسبة 5% أو أكثر. إن المحلول المعياري يُستخدَم لتعيين تركيز مكونات عيِّنة مجهولة، من نموذج سائل حيوي مثلاً، وذلك بمقارنة قراءته قيمة تماصه مع قراءة العيِّنة قيمة تماصها بعد إخضاعهما لتفاعل واحد بخطوات تحليلية متماثلة على الأغلب لأن ذلك من شأنه أن يسهِّل إجراء عملية حساب النتائج، حيث أن تركيز المحلول المعياري يبقى لدى تماثُل خطوات العمل كلها كما هو عليه في البدء، أي أن التركيز في شروط التحليل يبقى عندئذ مماثلاً للتركيز البدئي. وفضلاً عن ذلك فإن تماثُل خطوات العمل كلها بين المحلول المعياري والعيِّنة دون تجاوز أيٍّ منها يعني عدم تجاوز استخدام أيٍّ من الكواشف، وبالتالي جعل تأثير أيّ تلوُّث محتمل للكواشف ينعكس ليس فقط على نتائج تحليل العيِّنة، بل على نتائج تحليل المحلول المعياري أيضاً وعلى حدّ سواء، الأمر الذي يعني عدم تفويت الفرصة التي يمكن أن يقدّمها لنا المحلول المعياري، والتي تتمثل بإمكان تلافي بعض الأخطاء التي قد تطرأ على النتائج.
هذا وعلى الرغم من ضرورة أو أفضلية تحليل المحلول المعياري والعيِّنة بخطوات عمل متماثلة، فإن هناك حالات يمكن أن يتم فيها تحليل المحلول المعياري بتجاوز بعض خطوات العمل كخطوة نزع البروتينات. وفي مثل هذه الحالات فإن تركيز المحلول المعياري في شروط التحليل، الذي يجب استخدامه لحساب النتائج، لا يساوي تركيزه البدئي بسبب التمديد المختلف للمحلول المعياري والعيِّنة، بل يساوي التركيز المفترض الذي يجب استخدامه فيما لو لم يَجرِ تجاوز لأيّ خطوة من خطوات العمل. ولهذا فإنه يتعين حساب هذا التركيز بضرب التركيز البدئي للمحلول المعياري بعامل التحويل F الموافِق، أي حسب العلاقة:
 170_1
وواضح أن التركيز البدئي للمحلول المعياري في حال اختصار بعض خطوات العمل هو أقل من تركيز هذا المحلول في شروط التحليل بعدد من المرات يساوي عامل التحويل؛ وهكذا مثلاً إذا أردنا أن يكون تركيز محلول البولـة المعياري في شـروط التحليل 30 مغ/100 مل وكان عامل التحويل "10" فإن التركيز البدئي يجب أن يكون 3 مغ/100 مل
170_2

ولحساب عامل التحويل F تُطبَّق العلاقة:

170_3
حيث أن:
حجم المحلول المعياري المستخدَم للتحليل معبَّراً عنه بالـ مل؛ 
D عامل التمديد، ويمثِّل عدد مرات تمديد العيِّنة، مثلاً تمديدها عشر مرات بكاشف نازع للبروتين؛  
الحجم المستخدَم من محلول العيِّنة بعد تمديدها في سياق التحليل معبَّراً عنه بالـ مل، مثلاً حجم السائل الطافي أو الرُّشَاحة في حال نزع البروتين؛ 
الحجم النهائي لمحلول العيَّنة الجاهز للقياس معبَّراً عنه بالـ مل؛ 
الحجم النهائي للمحلول المعياري الجاهز للقياس معبَّراً عنه بالـ مل، ويساوي على الأغلب  

إن تساوي الحجمين النهائيين للمحلول المعياري Vf Stومحلول العيِّنة Vf Sيجعل علاقة عامل التحويل تؤول إلى الشكل الأبسط:

وإذا ما تساوى أيضاً حجم المحلول المعياري المستخدم V0 St مع حجم محلول العيِّنة المستخدم بعد تمديدها في سياق التحليل حجم السائل الطافي المستخدَم VS فإن عامل التحويل يصبح مساوياً لعامل التمديد:

ولإيضاح كيفية حساب عامل التحويل المذكور نورد المثال التالي:
إذا أجرينا تعييناً للبولة الدموية في مصل الدم بطريقة ثنائي أسِتيل أحادي الأُكْسيم الداي أسِتيل مونوكسيم غير المباشرة بحيث مدَّدنا عيِّنة المصل عشر مرات في خطوة لنزع البروتينات بكاشفين: ماء مقطر وكاشف نازع للبروتين، ثم ثفَّلنا، وأخضعنا كلاًّ من السائل الطافي المصلي ومحلول بولة معياري للتفاعل اللوني، وذلك مع الحفاظ على تسـاوي حجم المحلول المعياري المستخدم V0 St مع حجم محلول العيِّنة الطافي المستخدَم VS بحيث كان كل منهما 0.100 مل مثلاً، وتساوي الحجم النهائي للمحلول المعياري Vf St مع الحجم النهائي لمحلول العيِّنة Vf S بحيث كان كل منهما 1.100 مل، فإن عامل التحويل يُحسَب كما يلي:
2- المنحنى المعياري  
إن المُنحنَى المِعياري Standard curve هو خط مرسوم على ورق بياني Graph paper يعكس طراز القيم المَقيسة الناجمة عن استخدام طريقة تحليلية ما أو جهاز ما، وذلك استجابة لاختلافات في تركيز المادة التي يتم اختبارها، أي أنه يعكس العلاقة الكمية بين القراءات التي هي في القياس الضوئي إما قيم التَّمَاصّ “Absorbance, A” أو قيم الامتراق النسبي المئوي، أي الإنفاذية النسبية المئوية “Percent transmittance, %T” والتراكيز c. وتُمثَّل هذه العلاقة بيانياً بحيث توضع النقاط الموافقة للقراءات على محور العَيْنات الشاقولي، والنقاط الموافقة للتراكيز على محور السِّينات الأفقي.
للمنحنى المعياري استعمالات مختلفة:
- تعيين التراكيز المجهولة، وهو الاستعمال الأكثر انتشاراً في المختبرات.
- تسهيل إنجاز سلسلة من التعيينات التي تجرى في وقت واحد لمؤشر ما، وذلك بقراءة التراكيز مباشرة من المنحنى المعياري أو من جدول خاص يُعَدّ اعتماداً على هذا المنحنى؛ وبذلك يتم الاستغناء عن حساب كل نتيجة على حدة، وما ينطوي على ذلك من وقت وجَهْد.
- تحديد ما إذا كانت الطريقة التحليلية المستخدَمة أو المُزمَع استخدامها خاضعةً لمبدأ عام ما أم لا، وتحديد مدى هذا الخضوع، أي تحديد قيمة التركيز التي تبدأ عندها الطريقة بالكفّ عن الخضوع للمبدأ العام. وفي هذا السياق يُستخدَم المنحنى المعياري لتحديد ما إذا كانت طريقة تحليلية ما خاضعةً لقانون لامبيِر-بِير Lambert–Beer’s Law الذي يمثِّل أساساً للتحليل الكمي بوساطة القياس الضوئي Photometry، وإلى أيّ مدى يستمر خضوعها لهذا القانون، الأمر الذي يتجلى فيما يسمى الخَطّية Linearity في حال الخضوع، وفي انعدام الخطية في حال الكفّ عن الخضوع.

2- 1- أنماط الورق البياني المستخدَمة لإنشاء المنحنى المعياري
هناك ثلاثة أنماط من الورق البياني يمكن استخدامها لإنشاء المنحنى المعياري:
- ورق بياني خطّي أو مستقيم Linear or straight graph paper ميليمتري.
- ورق بياني نصف لُغارِتْمي Semi-logarithmic or semilog graph paper.
- ورق بياني لُغارِتْمي مزدوج أو لغارتمي– لغارتمي Logit–log graph paper.
يتميز الورق البياني الخطي بأن تدريجاته على كلا محورَي السينات الأفقي والعينات الشاقولي هي تدريجات خَطّية مستقيمة تفصل كلاًّ منها عن الآخر أبعاد متساوية.
أما الورق البياني نصف اللغارتمي فهو بالضبط كما يعني اسمه، إذ أن تدريجاته على محور العينات هي تدريجات لغارتمية، في حين أن تدريجاته على محور السينات هي تدريجات خطية.
وأخيراً فإن الورق البياني اللغارتمي المزدوج يتسم بأن تدريجاته على كلا محورَي السينات والعينات هي تدريجات لغارتمية.
إن نمطي الورق البياني الخطي ونصف
اللغارتمي يُستخدَمان في مجال القياس الضوئي. ويعزى استخدامهما إلى وجود نمطين من وحدات القياس على المقياس الضوئي:
- الاِمْتِراق النسبي المئوي أو الإنْفَاذية النسبية المئوية Percent transmittance %T ذي التدريجات الخطية، والذي يمثِّل النسبة المئوية لشدة الضوء النافذ I خلال وسط ماص للضوء محلول ملون أو غير ملون موجود في مِحفَد “Cuvette” إلى شدة الضوء الوارد I0 إلى هذا الوسط، أي:  

- التَّمَاصّ (A) Absorbance أو الكثافة البصرية Optical density (OD) أو الانطفـاء Extinction (E) ذي التدريجات اللُّغارِتْمية بسبب أنه تابع لُغارِتْمي يمثِّل اللُّغارِتْم العشري السالب للامتراق الإنفاذية، أو اللغارتم العشري السالب للامتراق النسبي المئوي مطروحاً من العدد 2، المعادلة التالية:
- وهذا يعني أنه لدى إنشاء المنحنى المعياري اعتماداً على قيم التركيز c والتَّمَاصّ A يتعيَّن استخدام ورق بياني خطي، تُمثَّل قيم التركيز على محوره السيني الأفقي، وقيم التَّمَاصّ على

محوره العَيْني الشاقولي، ذلك لأنه لا حاجـة لأن يكون المحور العيني التماصي ذا تدريجات لغارتمية بسبب أن هذه التدريجات قد تم التعويض عنها مسبقاً بتدريجات التماص اللغارتمية الموجودة على لوحة المقياس الضوئي أو المبرمجة فيه. في حين أنه لدى إنشاء المنحنى المعياري اعتماداً على قيم التركيز c والامتراق النسبي المئوي الإنفاذية النسبية المئوية %T ينبغي استخدام ورق بياني نصف لغارتمي، تُمثَّل قيم التركيز على محوره السيني الخطي، وقيم الامتراق النسبي المئوي على محوره العيني اللغارتمي، ذلك لأن تدريجات الامتراق النسبي المئوي الخطية الموجودة على لوحة المقياس الضوئي أو المبرمجة فيه لم يُعَوَّض عنها بالتماص اللغارتمي، وبالتالي فإنه يتعيَّن إجراء تصحيح عن طريق استخدام تدريجات لغارتمية على المحور العيني الامتراقي.
وهنا لابد من التنويه بأن المنحنى المعياري يأخذ شكل خط مستقيم في كلتا الحالتين، أي في حالة تمثيل التركيز والتماص على ورق بياني خطي وفي حالة تمثيل التركيز والامتراق النسبي المئوي على ورق بياني نصف لغارتمي.
هذا ومن الجدير بالذكر أن رسم المنحنى المعياري يمكن أن يتم أيضاً بعكس الطريقتين السابقتين، أي بتمثيل التركيز والتماص على ورق بياني نصف لغارتمي وتمثيل التركيز والامتراق النسبي المئوي على ورق بياني خطي؛ إلا أن المنحنى المعياري الحاصل عندئذ يأخذ شكل خط منحنٍ (جزء من قَطْع).

وعلى الرغم من أن رسم المنحنى المعياري للطرق التحليلية القائمة على القياس الضوئي يمكن أن يتم بأيّ من الطرق الأربع المذكورة، فإن طريقة الرسم الأكثر انتشاراً هي طريقة تمثيل التركيز والتماص على ورق بياني خطي للحصول على خط معياري مستقيم نظراً لأن هذا الورق أكثر توفراً، ولأن الخط المستقيم المرتقب هنا يدلنا بوضـوح على سريان مفعول قانون لامبِير– بِير Lambert-Beer، أي على التناسب الطردي بين التماص الناتج للمحلول وتركيز المكوِّن المَعني، كما أن قراءة القيم من هذا الخط المستقيم أكثر سهولة وضبطاً من قراءتها من الخط غير المستقيم.
إن نمطَي الورق البياني الخطي ونصف اللغارتمي يُستخدَمان أيضاً في طرق المُقايَسة المناعية الشُّعاعية Radioimmunoassay RIA، وذلك سوية مع النمط الثالث اللغارتمي المزدوج، حيث يتم إنشاء المنحنى المعياري في هذه المقايسة اعتماداً على قيم التركيز والنسـبة المئويـة للفاعلية الإشعاعية خلال زمن معين.
ويأخذ المنحنى المعياري في المقايسة المناعية الشعاعية RIA شكل خط منحنٍ لغارتمي لدى استخدام الورق البياني الخطي، وشكل خط منحنٍ قليلاً أو سينياً S Sigmoidal لدى استخدام الورق البياني نصف اللغارتمي، وشكل خط مستقيم لدى استخدام الورق البياني اللغارتمي المزدوج.
إن الورق البياني اللغارتمي المزدوج يُستخدَم أيضاً في طرق المقايسة المناعية الشعاعية Immunoradiometric assay IRMA ، وذلك اعتماداً على قيم التركيز والفاعلية الشعاعية خلال زمن معين. ويأخذ المنحنى المعياري المتشكل هنا شكل خط شبه مستقيم.
ولإعداد المنحنى المعياري في طرق المقايسة المناعية الإنزيمية "الإليزا"المقايسة المناعية بالممتز (بالمُشترِب) المناعي المرتبط بالإنزيمEnzyme–linked immuno-sorbent assay, ELISA يُستخدَم ورق بياني خطي تُمثَّل عليه قيم التركيز والتماص. ويكون المنحنى الحاصل هنا بانحناء كامل في نمط التثبيط التنافسي، وبشكل خط شبه مستقيم في نمط الشطيرة.
ونكتفي هنا بتقديم نموذجين من المحاليل المعيارية، وذلك بتمثيل قيم التركيز والتماص على ورق بياني خطي، حيث ينتج خط مستقيم (الشكل 3)، ثم على ورق بياني نصف لغارتمي، حيث ينتج خط منحنٍ (الشكل 4).

الشكل 3: منحنى معياري لتعيين الغلوكوز في مصل الدم بالقياس الضوئي بطريقة الأورتو- توليدين أُنشئ اعتماداً على قيم التركيز c مغ/100 مل والتماص Aعلى ورق بياني خطي.

الشكل 4: منحنى معياري لتعيين الغلوكوز في مصل الدم بالقياس الضوئي اعتماداً على قيم التركيز والتماص على ورق بياني نصف لغارتمي باستخدام معطيات الشكل 3 نفسها.

2- 2- طريقة إنشاء المنحنى المعياري
إن إنشاء المنحنى المعياري يتم وفقاً لمبادئ عامة ينبغي اتِّباعها، وتتمثل بما يلي:
اختيار تراكيز للمحاليل المعيارية التي ستُستخدَم لإنشاء المنحنى المعياري اختياراً مناسباً بحيث تتوافق قيمها مع القيم المَرجعية للمؤشر الذي يتم تحليله والمجال المَرضي
لهذا المؤشر. ويُفضَّل أن تكون معظم قيم التراكيز المختارة متباعدة فيما بينها بشكل متساوٍ، كأن تكون مثلاً: 25، 50، 100، 150، 200، 250، 300… مع توخي أن تكون القيم العليا المختارة متجاوزةً قليلاً لمجال الخطية المتوقع للتمكن من تحديد الخطية بشكل مضبوط اعتماداً على المنحنى المُنشَأ.
اختيار عدد مناسب من المحاليل المعيارية التي ستُستخدَم لإنشاء المنحنى المعياري، وذلك وفق نوع المنحنى المطلوب. وهكذا فإنه يُفترَض أن يكون عدد المحاليل المعيارية في حالة المنحنى المعياري البسيط خمسة محاليل كحد أدنى، في حين أنه يُتوخّى في حالة المنحنى المعياري العالي الضبط أن يكون العدد أحد عشر محلولاً: خمسة منها أساسية، وستة إضافية: ثلاثة منها بتراكيز أخفض من أدنى تركيز معياري أساسي، والثلاثة الأخرى بتراكيز تفوق أعلى تركيز معياري أساسي. وكما هو عليه الحال في معظم الأمور الحياتية الدقيقة، فإن الحس العام والمنطق السليم يجب إعمالهما لدى إنشاء المنحنى المعياري.  

1- إنشاء المنحنى المعياري البسيط
 
لإنشاء المنحنى المعياري البسيط تُحضَّر على الأقل خمسة محاليل معيارية أساسية من محلول معياري مركَّز أمّ، ثم تجرى بالتوازي ثلاثة تعيينات متوازية Triplicate لكلّ محلول من المحاليل الخمسة وثلاثة اختبارات شـاهدة Blanks، ثم تقاس تماصات الشواهد أي النواصع أو الكفيئات وتماصات كل محلول معياري أساسي مقابل الماء المقطر، أو مقابل المذيب الذي يُستخدَم بدل الماء، ثم يُحسَب متوسط تماصات الشواهد ومتوسط تماصات كل محلول معياري، وبعد ذلك يُطرَح متوسط تماصات الشواهد من متوسط تماصات كل محلول معياري، وبذلك يتم الحصول على متوسطات تماصات المحاليل المعيارية المصحَّحة والجاهزة لرسم المنحنى المعياري.
هذا ويمكن الحصول على متوسطات تماصات المحاليل المعيارية المصحَّحة بطريقة أخرى، حيث تقاس أولاً تماصات الشواهد المتوازية الثلاثة مقابل المذيب المَعني، ثم يُحسَب متوسط هذه التماصات، ويُحدَّد الشاهد الذي يكون تماصه أقرب إلى المتوسط المحسوب، وبعد ذلك تقاس مقابل هذا الشاهد بالذات تماصات كل محلول معياري، ثم تحسب متوسطات تماصات المحاليل المعيارية الجاهزة لرسم المحلول المعياري.
إن رسم المنحنى المعياري البسيط يمكن أن يتم بالتمثيل البياني لتراكيز المحاليل المعيارية الخمسة والتماصات الموافقة لها على ورق بياني خطي ميليمتري، حيث توضع التراكيز على محورِ سينات أفقي يتم اختياره بحيث يكون موازياً للجانب القصير من الورق البياني، كما توضع التماصات المَقيسة الموافقة لتلك التراكيز على محور عينات شاقولي موازٍ للجانب الطويل من الورق مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة إحكام تدريجات محور العينات بحيث تؤدي إلى تشكُّل زاوية للمنحنى المعياري مساوية لحوالي 45ْ، وكذلك مراعاة ضرورة تمثيل متوسط تماصات الشواهد المتوازية بحيث يتوافق مع التركيز صفر.
إن الرسم اليدوي للمنحنى المعياري، الممثِّل للعلاقة بين التركيز والتماص على الورق البياني الخطي، يتم باستخدام مسطرة شفافة، حيث يُرسَم خط مستقيم يمر بالنقاط الإحداثية المعيارية كلها، أو بمعظمها مع مراعاة توزُّع النقاط الأخرى (التي لا يمر بها الخط) على مقربة من جهتَي الخط بشكل متناظر قدر ما يمكن، أي بحيث يكون عدد النقاط المعيارية التي تعلو الخط قليلاً مساوياً تقريباً لعدد النقاط المعيارية الواقعة تحته قليلاً.
هذا وإن النقاط المعيارية الموافقة للتراكيز العالية يمكن أن تبدي توزعاً شاذاً حول الخط المستقيم دلالةً على انعدام خطية الطريقة التحليلية المستخدمة لدى هذه التراكيز. ولهذا فإنه يجب إنهاء هذا الخط عندئذ، أي بمجرد ظهور النقـاط الشاذة، كما يجب تحديد أُولى هذه النقاط نظراً لأن هذه النقطة تحدِّد بدء انعدام خطية الطريقة، كما تحدد بالتالي ضرورة إعادة فحص النماذج المخبرية لدى تجاوز التركيز أو التماص الموافقين لها، وذلك باستخدام عيِّنة ممدَّدة مسبقاً مع أخذ عامل التمديد بعين الاعتبار لدى حساب النتائج. وتجدر الإشارة هنا إلى أن قيمة التماص التي تبدأ عندها خطية الطرق بالانعدام هي عادة أكبر من 1.
إن خطية وضَبْط المنحنى المعياري البسيط يمكن التحقق منهما بإجراء عشرين تعييناً متوازياً للمحلول المعياري الأساسي الثالث ذي التركيز الناصِف Median concentration مثلاً للمحلول ذي التركيز 100 ضمن سلسلة المحاليل ذات التراكيز 25 ، 50 ، 100 ، 150 ، 200، ثم يُحسَب متوسط التماصات العشرين .
وبعد ذلك تُمثَّل النقطة المعيارية الموافِقة لتركيز المحلول المعياري الأساسي الثالث ومتوسط تماصاته العشرين، ثم يُرسَم خط مستقيم يصل بين هذه النقطة ونقطة الصفر. وبذلك يتم الحصول ما يسمى المنحنى المعياري البسيط النظري. ويُحسَب أيضاً الانحراف المعياري لسلسلة التعيينات العشرين وفق العلاقة:

ويهدف إنشاء المنحنى المعياري النظري وحساب الانحراف المعياري الخاص به إلى التمكن من الحكم على خطية وضبط المنحنى المعياري العملي من خلال عملية مقارنة بين المنحنيَين النظري والعملي، أو بالأحرى بين الخط المستقيم النظري والنقاط المعيارية الأساسية الخمس للمنحنى العملي، وذلك وفق ما يلي:
إذا كانت النقاط المعيارية المذكورة متوضعة
على بُعد عن الخط المستقيم النظري مقداره فإن المنحنى المعياري يُعد خطياً ومضبوطاً بشكل مُرضٍ.
وأما إذا كان الشرط المذكور غير محقِّق فإن ذلك يعني:
- إما انعداماً جزئياً للخطية،
- أو انعداماً كلياً للخطية،
- أو ضبطاً تحليلياً منخفضاً.
يُلاحَظ الانعدام الجزئي للخطية عندما تنحرف أعلى نقطة معيارية أساسية، أو أعلى نقطتين، عن الخط المستقيم النظري بمقدار يزيد على . وفي هذه الحالة فإن الخطية محقَّقة حتى النقطة المعيارية الأساسية الرابعة أو الثالثة فقط.
وأما الانعدام الكلي للخطية فيُلاحَظ عندما تتوضع النقاط المعيارية الأساسية بحيث تعطي خطاً منحنياً.
وأما الضبط التحليلي المنخفض فيُستدَل عليه من توضُّع النقاط المعيارية الخمس بشكل مشتت غير منتظم، أي تجاوزها كلها للحد


2- إنشاء المنحنى المعياري العالي الضَّبط

لإنشاء المنحنى المعياري العالي الضبط يُحضَّر من محلول معياري مركَّز أحد عشر محلولاً:
- خمسة محاليل معيارية أساسية، وهي المحاليل نفسـها اللازمـة لإعداد المنحنى المعياري البسيط؛
- ثلاثة محاليل معيارية إضافية بتراكيز أخفض من أدنى تركيز معياري أساسي، ومتساوية الفروق فيما بينها، وهي تُستخدَم لتحديد الخطية في الجزء الواقع بين النقطة المعيارية الأساسية الأصغرية ونقطة الصفر؛
- ثلاثة محاليل معيارية إضافية أخرى بتراكيز تفوق أعلى تركيز معياري أساسي، وهي تُستخدَم لتحديد الخطية في الجزء الواقع فوق النقطة المعيارية الأساسية الأعظمية؛ ويمكن تغيير عدد هذه المحاليل حسب الحاجة.
بعد تحضير المحاليل المعيارية المذكورة تجرى لكل منها خمسة تعيينات متوازية، كما تجرى خمسة اختبارات شـاهدة متوازية، وذلك ضمن سلسلة واحدة، ثم يواصَل العمل تماماً كما ذُكِر بالنسبة إلى المنحنى المعياري البسيط.
وبطريقة مماثلة أيضاً يمكن التحقق من خطية وضبط المنحنى المعياري العالي الضبط، إلا أن النقاط المعيارية هنا ينبغي ألاّ تبعد عن الخط المستقيم أكثر من بدل .

2- 3- حساب النتائج اعتماداً على المنحنى المعياري

إن المنحنى المعياري، بما يحمله من بيانات لعدة محاليل معيارية بعدة نقاط Multipoint، يقدِّم لنا طرقاً لحساب النتائج أفضل من طريقة التطبيق المتكرر للعلاقة الرياضية القائمة على الاعتماد على معطيات محلول معياري واحد بنقطة واحدة.
وتتمثل طرق حساب النتائج اعتماداً على المنحنى المعياري فيما يلي:
- حساب تراكيز العيِّنات بضرب تماصاتها المَقيسة بعامل حسابي يُعرَف باِسم عامل المنحنى المعياري أو عامل المُعاوَرة Standard curve factor or calibration factor F))، أو قراءتها مباشرة من جدول خاص مُعَدّ مسبقاً اعتماداً على قيم التراكيز المحسوبة بضرب تماصاتها المقيسة بعامل المنحنى المعياري.
- قراءة التراكيز مباشرة من المنحنى المعياري المُنشَأ بعد تمثيل التماصات المقيسة الموافقة لها، أو قراءتها مباشرة من جدول خاص آخر مُعَدّ مسبقاً اعتماداً على قيم التراكيز المقروءة من هذا المنحنى.
وبالطبع فإن طريقة "جدول العامل"، أي الجدول المُعَد اعتماداً على عامل المنحنى المعياري F، وطريقة جدول المنحنى، أي الجدول المُعَد اعتماداً على المنحنى مباشرة، هما أسهل من طريقتَي: الحساب المتكرر اعتماداً على العامل، والقراءة المتكررة من المنحنى، كما أن الطريقتين الجدوليتين متكافئتان تقريباً من حيث الضبط؛ إلا أن طريقة "جدول المنحنى" تعطي نتائج أضبط بالمقارنة مع طريقة "طريقة العامل"، وذلك في الحالات التي تكون فيها النقاط المعيارية المتناظرة غير قريبة بدرجة كبيرة من الخط المستقيم؛ وكمثال على الطرق التي تعطي مثل هذه النقاط المعيارية نذكر طريقة القياس اللوني "رايتمان- فرانكِل" Reitman-Fankel المطبَّقة لتعيين إنزيمَي ترانسْأميناز الغلوتامات- أُكسال اسيتات GOT-AST وترانسْأميناز الغلوتامات-البيروفات -GPT ALT في المصل، التي يجدر أن يُستخدَم لقراءة نتائجها طريقة "جدول المنحنى".
إن عامل المنحنى المعياري (F)
اللازم لحساب التراكيز وإعداد جدول قراءتها، يمثِّل ظل الزاوية المحصورة بين هذا المنحنى ومحور العينات، أو بالأحرى مجموع حواصل قسمة تراكيز المحاليل المعيارية CSt على تماصاتها الموافقة ASt مقسَّماً على عدد المحاليل المعيارية n
 
وتُعَدّ قيمة عامل المنحنى المعياري F ثابتة بالنسبة إلى طريقة تحليلية معيَّنة تجرى في شروط معيَّنة ثابتة (استخدام جهاز القياس نفسه والكواشف والأدوات ودرجة الحرارة نفسها(…. وهكذا فإن تركيز المادة في العيِّنة CS يُحسَب بضرب تماصه AS بالعامل F أي بتطبيق العلاقة:

ومن البدهي أن كل جدول لقراءة التراكيز يجب أن يتضمن فقط التراكيز الموافقة لقيم التماصات الواقعة ضمن حدود خطية الطريقة المَعنية.
إن الطرق التحليلية ينبغي أن تكون ذات مُعَوَّلِيّة Reliability عالية تسمح بحساب النتائج اعتماداً على المنحنى المعياري. ولضمان ذلك فإن من الضروري أن يجرى كل يوم اختبار جديد لأحد المحاليل المعيارية، وكأنه مصل مراقبة؛ ويُفضَّل أن يكون ذلك المحلولُ هو أحد المحاليل التي تقع تراكيزها ضمن الحدود المرجعية للمؤشر الذي يجري تحليله. ولا رَيب في أن إجراء مثل هذا الاختبار بشكل أكثر ندرة، مثلاً مرة واحدة أو مرتين أسبوعياً، ينطوي على مجازفة نظراً لأنه يمكن أن تمضي بضعة أيام دون التمكن من اكتشاف خطأ جدّي محتمل.
إن المنحنى المعياري يجب أن يُنشَأ قبل إدراج أيّة طريقة تحليلية جديدة في حيز التطبيق لأول مرة، ولا يجوز الاعتماد على معاوَرة للطريقة تم إنجازها في مختبَر آخر؛ إلا أن هذا الاعتماد يُسمَح به تجاوزاً لسبب قاهر، كعدم توفُّر المحاليل المعيارية المناسبة، ولكن شريطة أن يكون هناك تماثُل بين شروط العمل، وخصوصاً التماثل بين جهازَي القياس والكواشف المستخدَمة التي يجب أن تكون من إنتاج شركة واحدة، وأن تُطبَّق مصول مراقبة عالية ومتوسطة ومنخفضة.

الجزء الرابع: الأخطاء في التشخيص المخبري 
د. نجيب كيالي
Kayaly Najib
الملخص Abstract  
نعرِض فيما يلي مختلف الأخطاء في التشخيص المخبري:
- الأخطاء العَرَضية أو العَشْوائية Accidental or random errors التي تمثِّل أخطاء صغيرة مجهولة غير قابلة للتحديد وغير ثابتة، وقد لا تتكرر عند إعادة التحليل.
- الأخطاء النظامية Systematic errors التي هي معايير للضبط Accuracy، أي لقُرب نتيجة القياس من القيمة الحقيقية، وتمثِّل أخطاء منتظمة في اتجاه واحد بالنسبة إلى القيمة الحقيقية، أي أعلى منها أو أخفض، وقابلة للتحديد، وبالتالي يمكن تجنبها.
- الأخطاء الفادحة Gross errors التي تمثِّل أخطاء كبيرة يجب الكشف عنها وإزالتها.
- أخطاء ما قبل التحليل Pre-analytical errors التي يجب ألا يستهان بها لإمكان تأثيرها الكبير في جَوْدة النتائـج المخبرية؛ وهي تشمل مختلف الأخطاء التي يمكن أن تُرتَكَب بدءاً من لحظة طلب التحليل من قبل الطبيب، وانتهاءً بلحظة البدء بالعملية التحليلية.
- الأخطاء التحليلية التي يمكن أن تنجم إما عن اختيار طريقة غير ملائمة ذات مُعَوَّلية Reliability تحليلية منخفضة أو عن عدم اتِّباع الشروط المحدَّدة لتطبيق الطريقة المقرَّرة.
- أخطاء ما بعد التحليل التي تتمثل في الأخطاء المرتكَبة بدءاً من حساب النتائج، وانتهاءً بتسليم التقرير.  
إن مراقبة جَودة نتائج التحاليل المخبرية السريرية هي جملة من التدابير المخصَّصة لكشف وقياس الأخطاء العَرَضية العَشْوائية والنظامية والفادحة، التي تطرأ على النتائج، وذلك بهدف التمكن من اتخاذ الإجراءات الكفيلة بجعـل حجم تلك الأخطاء يؤول إلى أدنى حد ممكن.
يمكن أن تُصنَّف الأخطاء في التشخيص المخبري:
- إما تصنيفاً إحصائياً حسب مقدار هذه الأخطاء
وطريقة نشوئها، حيث تُقسَم إلى ثلاثة أنواع:
• أخطاء عَرَضية أو عَشْوائية Accidental or random errors،
• أخطاء نظامية Systematic errors،
• أخطاء فادحة Gross errors،
- أو تصنيفاً مرحلياً أو طَورياً حسب مراحل العمل التي تنشأ الأخطاء فيها، حيث تُقسَم إلى ثلاثة أنواع:
• أخطاء ما قبل التحليلPre-analytical errors،
• أخطاء تحليلية Analytical errors،
• أخطاء ما بعد التحليل Post-analytical errors. وسنعرِض فيما يلي لأنواع تصنيفَي الأخطاء كليهما.
1- أنواع الأخطاء حسب التصنيف الإحصائي 

1- 1- الأخطاء العَرَضية أو العَشْوائية
إن الأخطاء العَرَضية أو العَشْوائية هي أخطاء غير ثابتة قد لا تتكرر عند إعادة التحليل، أي أنها أخطاء مؤقتة تنشـأ نتيجة عوامل ذات تأثير قصير الأمد، وتحصل عَرَضياً، أي مصادَفةً. وهي أخطاء صغيرة لا يمكن تجنُّبها بشكل كامل بسبب أنها مجهولة غير قابلة للتحديد.
يصنف الخطأ العَرَضي إلى نوعين من الأخطاء:
- خطأ عَرَضي مرتبط بعدم الدقّة Imprecision، أي بالاختلاف بين نتائج القياسات المتكررة التي تُجرى لنموذج واحد بشكل متوازٍ وفي شروط واحدة. ويعزى هذا الخطأ إلى عدم كمال أجهزة القياس لدرجة تسمح لها بتحقيق دقة متناهية، كما يعزى إلى الحساسية المحدودة للحواس.
- خطأ عَرَضي مرتبط بالتداخُل Interference الذي تسببه الخاصيات الكيميائية والفيزيائية المختلفة للنمـاذج ذات التركيز المتساوي للحَلِيلة المادة المحلَّلة Analyte.
ويجدر التأكيد هنا على أن الأخطاء العَرَضية العشوائية هي أخطاء حول القيمة الحقيقية في الاتجاهين الموجب والسالب، ويمكن إضعاف تأثيرها في هذه القيمة عن طريق معالجة النتائج إحصائياً.
وكأمثلة على الأخطاء العَرَضية نذكر:
- عدم الدقة في قراءة هلالة السائل في المِمَصّات والسَّحّاحات والدوارق.
- المعاوَرة غير المضبوطة للممصات والسحاحات والدوارق والأجهزة.
- عدم انتظار الزمن اللازم لِنَزح السوائل من الممصات.
- تبدُّل درجة الحرارة أثناء الحضانة.
- عدم التقيد بزمن الحضانة.
- تبدُّل قراءات الأجهزة.
- الخطأ الحاصل في أثناء عملية الوزن بسبب الاهتزاز الذي تسببه وسائط النقل التي تمر قرب المختبر…
1- 2- الأخطاء النظامية

إن الأخطاء النظامية هي أخطاء تُرتكَب بصورة ثابتة في اتجاه واحد بالنسبة إلى القيمة الحقيقية، أي أنها تمثِّل القيم الموجبة أو السالبة لانحراف نتائج مقايَسات مادة ما عن القيمة الحقيقية، كأن تكون نتائج مقايسات سكَّر الدم مثلاً مرتفعة كلها أو منخفضة كلها. ونظراً لأن الخطأ النظامي هو معيار للضَّبط الصِّحَّة Accuracy يحدِّد الانحـراف عن القيمة الحقيقية فهو يدعى أيضاً الزَّيْغ (التحّيز) Bias.
وخلافاً للأخطاء العرَضيـة العشـوائية فإن الأخطاء النظامية يمكن تجنُّبها، إذ أنها قابلة
للتحديد. إلاّ أن ذلك ليس بالأمر السهل دوماً.
تنشأ الأخطاء النظامية نتيجة تغيرات في جَودة المحاليل المعيارية أو الكواشف أو نتيجة عيوب في الأدوات المستخدَمة أو نتيجة أخطاء ذاتية يرتكبها القائم بالمقايسة. وهي أخطاء تؤثِّر في العملية التحليلية مدة طويلة، أي أنها ليست مؤقتة خلافاً للأخطاء العرَضية.
وكأمثلة على الأخطاء النظامية نذكر:
- عدم نقاوة المحاليل المعيارية أو الكواشف أو تبدلها لأسباب كيميائية أو فيزيائية.
- عدم دقة السِّنَج الوزنات المستخدَمة في تحضير المحاليل المعيارية.
- عدم دقة المِمَصّات المستخدَمة لقياس العيِّنة والمحاليل المعيارية والكواشف.
- عدم وقاية المواد من الرطوبة في أثناء التخزين أو الوزن.
- عدم التغطية المناسبة لقوارير الكواشف أو المواد التي تُحضَّر منها الكواشف.
إن الخطأ النظامي والخطأ العرَضي هما المؤشِّران الهامان من الناحية الإحصائية، إذ أنهما يحددان الخطأ الكلي، ولا دور هنا للخطأ الفادح لسهولة الكشف عنه ووجوب إزالته.
ولتحديد الخطأ الكلي نضرب المثال التالي: إذا كان الخطأ النظامي µ والخطأ العرَضي σهما 3 و 2 مغ/100 مل على الترتيب لدى تعيين مادة تركيـزها الحقيقي 100 مغ/100 مل، فإن 95% من الأخطاء تتوزع ضمن المجال:  

أي أنها تتوزع بين القيمتين -1 و +7. والقيمة +7 هي الخطأ المطلَق الأعظمي Maximal absolute error، وهي تمثِّل الخطأ الكلي Total error.

- 3- الأخطاء الفادحة

إن الأخطاء الفادحة هي أخطاء جسيمة يجب الكشف عنها وإزالتها. وكشف هذه الأخطاء ليس بالأمر الصعب نظراً لأنها تحرف نتائج القياس عن النتائج المتوقَّعة حرفاً حاداً يمكن أن يصل أحياناً حتى 100% أو أكثر.
إن الأخطاء الفادحة هي:
- إما أخطاء ذاتية تعزى إلى الإهمال أو عدم الانتباه أو قلة الخبرة؛
- أو أخطاء غير ذاتية تعزى إلى الجَودة المنخفضة للكواشف أو الأدوات أو أجهزة القياس أو غيرها.
وتنجم الأخطاء الفادحة عن ما يلي:
- عدم التقيد بشروط أخذ النماذج، كأن تؤخذ نماذج دم بعد الأكل لتعيين الغلوكوز الصيامي أو ثلاثيات الغليسِريد، أو في وضع الوقوف لتعيين البروتين.
- ترك نماذج الدم أو البلازما أو المصل أو البول… في أوانٍ مفتوحة مدة طويلة.
- تلوُّث الأنابيب أو الأدوات الأخرى.
- استخدام محاليل معيارية أو كواشف أو مضادات تخثُّر أو مواد حافظة ذات تراكيز خاطئة.
- الترقيم الخاطئ للأنابيب، أو التسجيل الخاطئ في سجل المختبر أو في التقارير الصادرة عنه، أو الحساب الخاطئ للنتائج، أو القراءة الخاطئة على أجهزة القياس، أو الاختيار الخاطئ لطول موجة القياس أو للمِحفَد المِركَن Cuvette.
- استخدام كواشف أو مِمَصّات أو أدوات غير تلك التي يتعيَّن استخدامها.
- تلوُّث الكواشف أو فسادها.
- عدم مجانَسة النموذج إذا كان في الأصل غير متجانس (كبول 24 ساعة المستخدَم مثلاً لتعيين البروتين…) أو كان متجانساً، ولكنه قابل للتحول إلى غير متجانس كالدم الكامل المستخدَم مثلاً لتعيين الهيموغلوبين.
- وجود عيوب في أجهزة القياس…
هذا ويمكن تجنُّب الأخطاء الفادحة بالتدرب الواعي وتنظيم العمل في المختبر بشكل جيد، وكذلك بإعادة الاختبارات بانتباه أكبر مع استخدام مواد مراقبة.
2- أنواع الأخطاء حسب مراحل نشوئها 

2- 1- أخطاء ما قبل التحليل

إن أخطاء ما قبل التحليل هي تلك الأخطاء التي يمكن أن تنشأ في مرحلة ما قبل التحليل بدءاً من لحظة طلب التحليل من قبل الطبيب، ومروراً بالعمليات الكتابية اللازمة لدى استقباله في المختبر تسجيل اسمه وإعطائه رقماً مخبرياً مقترناً بالتاريخ وأخذ نموذج منه للتحليل وتحضير هذا النموذج للتحليل (فصل مصل الدم بالتنبيذ) وحفظ النموذج المحضَّر، وانتهاءً بلحظة البدء بالعملية التحليلية.
إن أخطاء ما قبل التحليل ليست قليلة الأهمية كما يمكن أن يبدو للوهلة الأولى، فهي تؤثِّر بشكل كبير في جَودة النتائج المخبرية.
ويمكن إيجاز أهم الأخطاء والمعوِّقات التي يمكن أن تحصل في مرحلة ما قبل التحليل فيما يلي:
- طلب الاختبار غير الملائم من الطبيب، وما يستتبع ذلك من خَفض لِجَودة الخدمة الطِّبية يعزى خطأً إلى انخفـاض جَودة النتائج المختبرية. ومثال ذلك طلب تعيين الأميلاز في الدم لتشخيص التهاب البنكرياس الحاد بعد أن يكون قد عاد إلى القيم المرجعية، أي بعد اليوم السادس من بداية المرض، وذلك دون أن يُطلَب في هذه الفترة تعيين الأميلاز في البول الذي يتأخر تطبُّعه حتى اليوم العاشر أو تعيين الليباز في الدم الذي يتأخر تطبعه حتى اليوم السابع-الخامس عشر.
- كتابة طلب التحليل بخط غير مقروء أو على استمارة فيها أخطاء، وما يستتبع ذلك من إهمال للاختبار المطلوب، أو إجراء لاختبار آخر بدلاً عنه، الأمر الذي من شأنه خَفض جَودة الخدمة الطبية.
- الخطأ في تحديد هُوّية المريض على استمارة طلب التحليل، أو في سجل المختبر، أو على اللُّصاقات التي توسَم بها الأوعية التي توضع فيها النماذج المخبرية، سواء كانت تلك التي تُنقَل هذه النماذج بواسطتها إلى المختبر، أو تلك التي توضع النماذج فيها داخل المختبر. ويُعَدّ الخطأ في تحديد هوية المريض أكثر الأخطاء تواتراً في مرحلة ما قبل التحليل.
- تحضير المريض بشكل غير ملائم لا يأخذ في الحسبان العوامل التي تؤثر في الاختبارات قبل إجرائها، ونخص بالذكر: تناول الأكل قبل التحليل، الذي يؤثر بشكل خاص في مستويات الغلوكوز وثُلاثيات الغليسِريد في مصل الدم؛ وتناول المشروبات الكحولية؛ وتناول الأدوية… وهنا يجب التأكيد على أن مسؤولية تحضير المرضى وتحديد الإرشادات اللازمة لأخذ النماذج منهم تقع على عاتق المختبر بالدرجة الأولى، إلاّ أن ذلك لا يعفي الطبيب الموجِّه لطلب التحليل من هذه المسؤولية. هذا ويجب تقديم الإرشادات للمريض إما شفوياً أو خطياً، كما يجب التحقق قبل أخذ نموذج الدم أو البول… من أن المريض قد اتبع هذه الإرشادات.
- فَقْد طلب التحليل أو تأخره، الأمر الذي من شأنه تعطيل الخدمة الطبية أو تأخيرها.
- استخدام محاقن وأنابيب غير نظيفة لأخذ السوائل الحيوية أو تنبيذها. وهنا يجدر التنويه بضرورة توفُّر النظافة الفائقة للمحاقن والأنابيب والأدوات الزجاجية الأخرى اللازمة لتحليل الكلسيوم وحديد المصل، وأن يتم تنظيف الأدوات الزجاجية بطريقة خاصة دون استخدام ماء الحنفية، أو يتم استبدال هذه الأدوات بأدوات لدائنية نَبُوذة Disposable plastics، أي تُستعمَل لمرة واحدة فقط، علماً بأن استخدام المحاقن اللدائنية النَّبُوذة يكتسب هنا أهمية خاصة؛ ويُحظَّر سدّ الأوعية بالفلين لأنه يزيد من تركيز الكلسيوم.
- إطالة مدة بقاء اليد مربوطة بالعاصبة لدى أخذ الدم، الأمر الذي من شأنه زيادة تراكيز العديد من المكوِّنات في البلازما إما بسبب تسرُّبها من الخلايا كما بالنسبة إلى البوتاسيوم، أو بسبب انتقال جزء من البلازما إلى النُّسُج خالياً من البروتينات، وما يستتبع ذلك من رفع لتراكيز البروتينات والمواد المرتبطة معها في البلازما.
- أخذ دم من يد فيها تسريب وريدي غلوكوزي أو مختلط أو ملحي، الأمر الذي من شأنه رفع المستويات المصوَّرية للمكوِّنات التي يحتوي عليها السائل المسرَّب الغلوكوز أو الصوديوم والكلوريد وخَفض مستويات مكوِّنات البلازما الأخرى بسبب التمديد الحاصل.
- حصول انحلال للدم Hemolysis في أثناء أخذه أو بعد ذلك. ويُعَدّ انحـلال الدم خفيفاً إذا أعطى تركيـزاً
للهيموغلوبين في مصل الدم قريباً من القيمة 20 مغ/100 مل، التي تمثِّل الحد الأدنى الذي يضفي على المصل لوناً محمرّاً يمكن ملاحظته بالعين.
ويؤثِّر انحلال الدم في جَودة النتائج المختبرية للمكوِّنات التي توجد في خلايا الدم الحمر بتراكيز أعلى مما هي عليه في المصل، كما هو عليه الحال بالنسبة إلى المكوِّنات التالية: إنزيم LDH وإنزيمAST (GOT) والفسفاتاز الحمضية والبوتاسيوم والمغنزيوم، التي توجد في الخلايا الحمر بكميات أعلى مما عليه في المصل بأضعاف، وبالتحديد 160، 40، 40، 20، 3 أضعاف على الترتيب.
وبالإضافة إلى ذلك فإن انحلال الدم يؤثِّر في العديد من المؤشِّرات المختبرية الأخرى بسبب ما ينتج عنه من مركَّبات يمكنها أن تتداخل لدى تعيين هذه المؤشرات، كما هو عليه الحال لدى تعيين كيناز الكرياتين الكرياتين كيناز CK والفسفور اللاعضوي والكرياتينين والبيليروبين والكوليسْتيرول في المصل الذي يحتوي على انحلال دموي.
وسنشير هنا، على سبيل المثال، إلى آليات تداخل انحلال الدم لدى تعيين الكرياتين كينـاز CK والفسفور اللاعضوي والكرياتينين؛ فلدى تعيين CK تتمثل آلية التداخل في تحرُّر إنزيمين من الخلايا الحمر يبدلان من تركيز كلّ من ثلاثيّ فسفات الأدينوزين ATP وثنائي فسفات الأدينوزين ADP اللذين يقوم CK بتحفيز تحوُّل أحدهما إلى الآخر. وأما تأثير انحلال الدم في الفسفور اللاعضوي المصلي فيتمثل في تحرُّر فسفات إضافية نتيجة حَلْمَهة الفسفات العضوية الناجمة عن انحلال الخلايا الحمر. وأما تأثير انحلال الدم في الكرياتينين في المصل فيتمثل في تحرر مكوِّنات من الخلايا الحمر المنحلَّة تقوم بدور مولِّدات لون تتداخل في عملية قياس اللون.
وهكذا فإن انحلال الدم - كما نلاحظ - أمر يجب تفاديه لما ينطوي عليه من خطورة على نتائج التحاليل المخبرية. ويتم ذلك بجعل نماذج الدم في منأى عن تأثير الماء أو الرطوبة، كما يتم بالتعامل مع هذه النماذج برفق.
- استخدام مضادّات تخثُّر أو مواد حافظة أو أوعية لجمع السوائل الحيوية غير ملائمة، الأمر الذي من شـأنه أن يؤثِّر في نتائج الاختبارات بشكل كبير.
- نقل النماذج الحيوية إلى المختبر في شروط غير مواتية، كأن يؤخَّر إيصالها إلى المختبر، أو تُنقَل إليه في أوعية مفتوحة، أو تُعرَّض في أثناء نقلها للضوء المباشر أو لتبدلات حادة في درجة الحرارة عالية أو منخفضة جداً، الأمر الذي من شأنه أن يفضي إلى خَفض ثباتية مكوِّنات هذه النماذج.
- التأخر المُفرِط في فصل المصل أو البلازما عن خلايا الدم، الأمر الذي يمكن أن ينعكس على ضبط النتائج بشكل كبير؛ وهذا ما يمكن ملاحظته بالنسبة إلى البوتاسيوم.
- تنبيذ الدم والبول والسوائل الحيوية الأخرى بمنبيذات منخفضة الكفاءة.
- حفظ النماذج قبل التحليل في أماكن معرضة للضوء المباشر أو في درجات حرارة غير مناسبة، أو تلوُّثها بالسدادات في أثناء حفظها، أو تشكُّل رُسابات فيها.

2- 2- الأخطاء التحليلية

إن الأخطاء التحليلية هي تلك الأخطاء التي يمكن أن تنشأ في مرحلة التحليل، وهي تنجم عن ما يلي:
- اختيار طريقة غير ملائمة ذات مُعَوَّلية تحليلية منخفضة،
- أو عن عدم التقيد بالشروط المحدَّدة لتطبيق الطريقة المقرَّرة.
- الأخطاء التحليلية الناجمة عن اختيار طريقة غير ملائمة
إن هذه الأخطاء تتجسد في النتائج ذات المُعَوَّلية التحليلية المنخفضة التي يُحصَل عليها دوماً، حتى لو تم التقيد بحزم بالقواعد اللازمة لأداء الطريقة وأُجريت مراقبة شاملة لخطوات العمل كلها بهدف الكشف عن مصادر الأخطاء.
إن اختيار الطرق التحليلية ينبغي أن يتم اعتماداً على مُعَوَّليتها التحليلية مع توجيه الاهتمام نحو العوامل الهامة التالية: حجم العيِّنة وحجم المحلول المعياري اللازمين للتحليل، كمية الكواشف اللازمة لكل اختبار، ثباتية المحلول المعياري والكواشف، مدى خطورة الكواشف على الصِّحة، إمكانية الاستغناء عن شاهد أو كاشف Reagent blank أو شاهد العيِّنة Sample blank، توفُّر جهاز القياس المطلوب والأدوات الأخرى المطلوبة، المدة اللازمة لأداء اختبار واحد وسلسلة اختبارات، المهارة المطلوبة، تَكلفة الاختبار الواحد التي تُحسَب بحيث تؤخذ سعة المِحفَد المِركَن Cuvette المتوفر بعين الاعتبار.
وبشكل عام فإن اختيار الطرق التحليلية يجب أن يقع على تلك الطرق التي تم اعتمادها دولياً باعتبارها طرق مِعيارية Standard methods. وهنا يجب التأكيد على أن اختيارنا الطرق المعيارية لا يعفينا من مَهَمّة اختبار مُعَوَّليتها التحليلية بغية مراقبة جَودة نتائجها.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن التقييم البدئي لأية طريقة يُجرى على الأغلب في شروط أكثر مثالية مما يمكن أن يكون عليه الحال في الممارسة اليومية. ولهذا فإنه يُفضَّل أن تُخصَّص للطريقة قبل إدخالها حيِّز الخدمة الطبية مرحلة "تشغيل" تمهيدية لأن ذلك من شأنه أن يتيح المجال للكشف عن أية مشاكل إضافية قد تحصل مستقبلاً، ويساعد بالتالي على إيجاد الحلول المناسبة لهذه المشاكل، كما أنه يتيح الفرصة لتمرُّس أفضل قبل أن تُقدَّم أية تقارير مخبرية في مجال الخدمة الطبية.
- الأخطاء التحليلية الناجمة عن عدم اتِّباع الشروط المحددة لتطبيق الطريقة المقررة
تتمثل هذه الأخطاء فيما يلي:
* الأخطاء المتعلقة بالكواشف والمحاليل المعيارية المستخدَمة: وهي يمكن أن تنجم عما يلي:
- عـدم تحضير الكواشـف والمحاليـل المعياريـة باسـتخدام مواد كيميائيـة من رتبـة كاشـف (GR) Reagent Grade Chemicals، أو مواد كيميائية
أخرى تتسم بنقاوة عالية كتلك التي تدعى فائقـة النقـاوة Ultra pure أو المواد الأقلّ منها نقاوة والتي تدعى النقية كيميائياً Chemically Pure.
- عدم تحضير الكواشف والمحاليل المعيارية باستخدام ماء مقطر عالي الجَودة.
- تحضير الكواشف والمحاليل المعيارية بشكل غير ملائم.
- انتهاء مدة صلاحية الكواشف أو المحاليل المعيارية أو فسادها قبل انتهاء هذه المدة.
* الأخطاء المتعلقة بالمِمَصّات والأدوات الأخرى: هذه الأخطاء يمكن أن تنجم عن الاستخدام غير المناسب للمِمَصّات والأدوات الأخرى أو عن تلوُّثها أو عن سـوء مُعاوَرتها.
* الأخطاء المتعلقة بأجهزة القياس: وهي يمكن أن تنجم عما يلي:
- سوء مُعاوَرة المقياس الضوئي أو الميزان التحليلي أو غيرهما من أجهزة القياس المستخدَمة.
- عدم ثبات التيار الكهربائي وما يسببه ذلك من تبدل في حساسية قراءة الأجهزة.
- استخدام مَحافِد مَراكِن Cuvettes غير مناسبة للقياس.
- عدم تلاؤم أجهزة القياس مع الكواشف المستخدَمة.
- وجود أعطال في أجهزة القياس والأجهزة الأخرى الحاضنة، الحمّام المائي، المثفِّلة، البرّاد، المجمِّد….
* الأخطاء المتعلقة بعمل القائم بالتحليل: وهي يمكن أن تنجم عن تعب القائم بالتحليل أو قلة عنايته أو عدم انتباهه أو نقص تدرُّبه أو نقص معرفته، الأمر الذي يمكن أن يتجلى في أخطاء كثيرة أهمها:
- الترقيم الخاطئ للأنابيب.
- عدم التنبُّه لنظافة الممصات والأنابيب.
- إجراء تمديد خاطئ للعيِّنات العالية التراكيز، أو إجراء تمديد للعيِّنات لا تسمح به تراكيزها المنخفضة.
- اختصار كميات العيِّنة والكواشف دون المحافظة على التناسب الصحيح فيما بينها.
- قياس كميات غير تلك المحددة في الطريقة.
- وضع الكميات المَقيسـة في غير مكانـها الصحيح.
- عدم التنبه لفساد الكواشف والمحاليل المعيارية.
- عدم التنبه لوجود انحلال للدم، وما يستتبع ذلك من خطورة على جَودة النتائج كما ذكرنا آنفاً.
- عـدم التنبه لوجـود فرط شحميات الـدم
Hyperlipidemia مَرَضي أو غذائي ناجم عن تناول الأكل قبل التحليل، وهو ما يتجلى في عَكَر المصل، ويؤثِّر بالتالي في جَوَدة النتائج.
- عدم التنبه للمصول اليَرَقانية Icteric sera ذات اللون المُفرِط في الاصفرار، وما يتبع ذلك من خطورة على جَودة النتائج ناجمة عن صعوبة القياس اللوني لدى أطوال الموجة القصيرة 400 – 500 نم. ولتلافي هذه الخطورة في بعض طرق القياس اللوني، كطريقة بيوريت لتعيين البروتين العام في المصل، يوصى بإجراء شاهد عيِّنة مناسب.
- عدم التنبه للتأثير التداخلي للأدوية في جَودة النتائج المخبرية.
- عدم التنبه للتأثير التداخلي الذي يمكن أن يمارسه ارتفاع مستويات بعض مكوِّنات السوائل الحيوية.
- عدم التقيد بترتيب إضافة حجوم العيِّنة والكواشف، الأمر الذي يمكن أن ينعكس على جَوْدة النتائج بشكل كبير، كما هو عليه الحال لدى تعيين البيليروبين في المصل أو البلازما بطريقة ديآزو.
- التقصير في مجانَسة مزيج التفاعل بعد إضافة العيِّنة والكواشف، وكذلك التقصير في المجانسة المسبقة للنماذج الحيوية غير المتجانسة كالبول.
- الحصول على سائل طافٍ في خطوة ترسيب البروتين التمهيدية بتنبيذ غير كافٍ باستخدام المنبيذات العادية التي لا تعطي أكثر من 4000 دورة/الدقيقة ، وخاصة لدى تعيين كوليستيرول HDL في المصل أو البلازما بطرق ترسيبية باستخدام "مزيج من الفسفوتنغستات وشوارد المغنزيوم" أو مرسِّب آخر، ولدى تعيين البوتاسيوم في المصل بطريقة عَكَرية غير مباشرة. وتُبيِّن خبرتنا أن الطريقتين الأخيرتين يمكن أن تحققا مُعَوَّلية عالية باللجوء إلى التنبيذ بالمنبيذات العادية المتوفرة في مختلف المختبرات السريرية لمدة 30 دقيقة و 15 دقيقة على الترتيب بدل التنبيذ بالمنبيذات الفائقة السرعة لمدة قصيرة.
- عدم التقيد الصارم بزمن الحضانة ودرجة حرارتها.
- عدم سدّ الأنابيب أثناء حضانتها في درجات حرارة عالية نسبياً.
- إراقة جزء من مزيج التفاعل خارج الأنبوب، أو اختلاط هذا المزيج بمواد إضافية كالماء، وخاصة في أثناء الحضانة في حمّام مائي.
- التأخر في إيصال مزيج التفاعل المسخَّن إلى درجة حرارة القياس.
- عدم التنبه للتبدلات الحادة في درجة حرارة الغرفة، وخاصة في أيام الصيف الشديدة الحر وأيام الشتاء الشديدة البرد بالنسبة إلى الطرق التحليلية الحساسة للحرارة كطريقة تعيين الكرياتينين القائمة على تفاعـل جاف Jaffe reaction والحساسة بشكل خاص لارتفاع درجات الحرارة، وطريقة تعيين حمض البول الفسفوتنغستاتية الحساسـة
بصورة خاصة لانخفاض درجات الحرارة.
- التلكؤ المُفرِط في قراءة النتائج.
- عدم تحمية جهاز القياس بشكل كافٍ، أو عدم تعييره بصورة جيدة، أو عدم اختيار طول الموجة الصحيح.
- عدم التحقق من سعة المِحفَد المِركَن Cuvette المطلوب؛ أو استخدام أكثر من مِحفَد في سلسلة القياس الواحدة إذا كانت المَحافِد غير معيارية، وخاصة إذا كان ضمن سلسلة القياس هذه اختبار معياري؛ أو استخدام مَحافِد مخدوشة؛ أو عدم تنحية الفقاعات الغازية الكثيرة التي قد تنشأ على سطح المحاليل في المحافد؛ أو عدم "تصفية" المحفد بعد كل قياس وعدم التدرج في القياس من اللون الباهت إلى اللون الأغمق، وذلك في حال تكرار استخدام مِحفَد واحد.
- قراءة النتائج على جهاز القياس بشكل غير صحيح.
- عدم التحقق من تكرارية قراءة المقياس الضوئي في حال تذبذب مؤشِّره أو تذبذب أرقام لوحة القياس.
- عدم التقيد بشروط العمل الخاصة بكل طريقة تحليلية نتيجة عدم دراسة الطريقة دراسة علمية وافية.

2- 3- أخطاء ما بعد التحليل


إن أخطاء ما بعد التحليل هي تلك الأخطاء التي يمكن أن تنشأ في مرحلة ما بعد التحليل بدءاً من حساب النتائج، ومروراً بتسجيلها في سجل العمل اليومي وفي سجل المختبر وفي
التقرير المخبري، وانتهاءً بتسليم التقرير.
إن أخطاء ما بعد التحليل تتمثل فيما يلي:
- نسيان القراءات بسبب التلكؤ في تسجيلها أو الاعتماد على الذاكرة بدل التسجيل.
- عدم حساب النتائج بشكل مضبوط بسبب عدم التنبه لتركيز المحلول المعياري المستخدَم أو لقراءته، أو عدم أخذ قراءة الشاهد بعين الاعتبار إن وُجِدت، أو بسبب استخدام عامل ضرب غير العامل المحدَّد، أو بسبب عدم أخذ التمديد المسبق للعيِّنة في الحسبان إن وُجِد، أو بسبب خطأ للآلة الحاسبة… ولهذا فإنه يوصى بإعادة كل حساب مرة ثانية للمطابقة مع المرة الأولى.
- تسجيل النتائج في سجل العمل اليومي أو نقلها إلى سجل المختبر أو إلى التقرير المخبري بشكل خاطئ. ولهذا يُنصَح بالتعوُّد على مراجعة المعطيات المسجَّلة ومطابقتها مع الأصل.
- نَسْب النتائج بشكل خاطئ إلى مريض آخر غير المريض المَعني، كأن تُنسَب إلى الرقم والاسم اللذين يعقبان أو يسبقان مباشرة الرقم والاسم المَعنيين، الأمر الذي يقتضي تغطية ما يخص الرقمين والاسمين المجاورين أثناء الطباعة منعاً للخَلط.
- تسليم التقرير المخبري لمريض آخر غير المريض صاحب التقرير. ولتفادي ذلك يوصى بالتحقق من اسم المريض المسجَّل على التقرير وعلى مغلف التقرير، وذكر هذا الاسم كاملاً مع الكنية لدى تسليم التقرير للمريض.  
 
المجلد 4 , العدد 5 , ربيع الأول 1428 - نيسان (إبريل) 2007

 
 
SCLA
  ©  2003 - 2007    SCLA All rights reserved By Platinum Inc.