بحث في أعداد المجلة
الجملة  
المؤلف   
 

المجلد 4 , العدد 8 , ذو الحجة 1428 - كانون الثاني (يناير) 2008
 
فحص البول ودوره في الممارسة السريرية
Urinalysis in the Clinical Practice
د. بسّام سعيد
Bassam Saeid
مستشفى الكلية الجراحي، دمشق
المقدمة Introduction
قيل عن فحص البول في السابق أنه خزعة سائلة للكلية، وفي ذلك دلالة قوية على أهمية هذا الإجراء المخبري البسيط، والذي ولسوء الحظ كثيراً ما لا يحظى بالاهتمام الذي يستحق، سواء كان ذلك من قبل المخبري أو من قبل الطبيب الممارس، بمن فيهم أطباء الكلى. ومن هنا كان لابد من العمل سوية كأطباء ممارسين و مخبريين على تسليط الضوء من جديد على هذا الاختبار لما في ذلك مصلحة مرضانا بالدرجة الأولى مع التركيز على كل ما هو جديد في هذا المضمار. 
لمحة تاريخية 
لقد عرفت الخطوط العريضة المتبعة في فحص البول والراسب منذ نهاية القرن التاسع عشر ولم يحصل في القرن العشرين سوى بعض الاختراقات الهامة والتي كان من أهمها ما قام به Fairley و Birch من خلال دراسة مورفولوجية الكريات الحمر بغية تحديد منشئها. أما اليوم ومع التطور الهائل للعلوم كافة فقد بات بالإمكان أن يتم فحص البول بشكل آلي كامل مع أن الكثير منا ما يزال يعتقد بضرورة استمرار دور العنصر البشري في قراءة بعض مكونات البول وتحليلها. وقد ساهم تطور تكنولوجيا فحص البول في تباعد المسافات بين الطبيب الممارس ومريضه من جهة، وبين المختبر السريري، حيث يجرى تحليل البول من جهة أخرى وبالتالي ضعف التواصل بينهما بحيث بات التقرير المخبري المطبوع صلة الوصل الوحيدة، ولهذا السبب ما يزال البعض حريصاً على أن يجرى هذا الفحص داخل جناح المرضى ومن قبل الأطباء السريريين أنفسهم.  
طرائق فحص البول 

1- الحصول على عينة البول:
بادئ ذي بدء لا بـد من التنويـه إلى أهميـة الطريقة التي تتم من خلالها جمع عينة البول المراد تحليلها ويفضل أن يزود المريض
بالمعلومات الضرورية بشكل مبسط ومكتوب لضمان حسن الالتزام وكذلك أن يزود بالعبوة المعدة خصيصاً لوضع البول فيها مع التركيز على أن تؤخذ العينة الصباحية الأولى أو الثانية وذلك بحسب الحالة أو الغاية من هذا التحليل، وأن يتجنب المريض القيام بأي مجهود فيزيائي شديد تلافياً لاحتمال حدوث البيلة الدموية المحدثة بالجهد عند البعض، وغني عن الذكر ضرورة تنظيف الأعضاء التناسلية الظاهرة سيما في منطقة تحت القلفة عند الذكور غير المختونين أما عند الإناث فيجب تبعيد الشفرين أثناء التبول مع الانتباه إلى ضرورة عدم إجراء فحص البول أثناء فترة الحيض منعاً لاختلاط عينة البول بدم الحيض.

2- المجاهر المستعملة في فحص البول:
إن لكل من المجهر متباين الطورPhase contrast microscope والمجهر ذو الضوء المستقطب Polarized light microscope دوره الأساسي في العديد من الحالات التي يصعب فيها تمييز وتحديد هوية بعض الجزيئات أو البللورات أو الاسطوانات أو الخلايا المشاهدة في الرسابة البولية، فعلى سبيل المثال يمكننا المجهر متباين الطور من تحديد معالم الجزيئات المشاهدة بشكل أفضل وذلك للتباين الحاصـل عكس الخلفيـة فـي الساحة المجهرية (الشكل 1).
أما بالنسبة للمجهر ذي الضوء المستقطب فهو شديد الأهمية من أجل التعرف على نوع البللورات المشاهدة في الرسابة البولية فعلى سبيل المثال قد لا نستطيع التمييز بين بللورات حمض اليوريك والأوكزالات في المجهر العادي بينما يمكننا المجهر ذو الضوء المستقطب من التأكد من أنها بللورات حمض اليوريك إذا لاحظنا تلونها بعدة ألوان وهو ما يميزها عن غيرها من البللورات كما في الشكل 2. وتظهر الجزيئات الدهنية بهذا المجهر أيضاً على شكل صليب مالطا Maltese Cross"" حيث يتوسط صليب أسود اللون ضمن الجزيئة الدهنية الساطعة (الشكل 3).

التقرير المناسب:
يجب أن لا يقتصـر تقريـر فحص البـول والراسب على النتائج التي تم الحصول عليها من خلال هذا الاختبار بل لابد من تعليق في نهاية التقرير يحاول من خلاله المخبري الربط بين مختلف عناصر فحص البول إضافة إلى توضيح بعض النتائج التي تبدو وكأنها متضاربة ومثال ذلك كأن يكون هنالك بيلة خضابية مهمة دون وجود بيلة كريات حمر مع ثقل نوعي منخفض جداً، ففي مثل هذه الحالة لا بأس من أن يرد في تعليق نهاية التقرير أن الكثافة المنخفضة قد تسببت في انحلال الكريات الحمر وبالتالي حدوث هذا التباين بين البيلة الخضابية والبيلة الدموية.  
fogazzislide
الشكل 1: المجهر متباين الطور في اليسار يحدد بشكل أفضل معالم الجزيئات.


الشكل 2: المظهر الوصفي متعدد الألوان لبللورات حمض اليوريك (الساحة اليمنى) بالمجهر ذو الضوء المستقطب.



الشكل 3: المظهر الوصفي لصليب مالطا في الساحة اليمنى بالمجهر ذي الضوء المستقطب.
الفحص العياني للبول:
غالباً ما يشير تلون البول باللون الأحمر القاني إلى نزف غزير في الطرق البولية، أما اللون البني فقد يكون مرده إلى بيلة دموية أو خضابية أو بيلة غلوبين العضل. ولابد من الإشارة هنا إلى أن اللون الأحمر للبول لا يشير بالضرورة إلى وجود بيلة دموية إذ ربما كان هذا اللون ناجماً عن غذاء يحتوي على ملونات أو أصبغه أو دواء كالريفامبيسين، أو حتى في بعض الحالات النادرة عن بعض العيوب الخلقية في الاستقلاب والتي تؤدي إلى طرح بعض المستقلبات في البول والتي تكون مسؤولة عن تلونه بالأحمر. وهناك حالة فريدة من نوعها اعتاد عليها أطباء الأطفال نظراً لشيوعها وهي تلون حفاض حديثي الولادة ببول زهري اللون وهو ناجم عن غنى هذا البول ببللورات حمض اليوريك.
وأخيراً يجب أن لا يغيب عن البال تلك الحالات التي يلجأ فيها المريض لغاية ما في نفسه لوضع بعض قطرات من الدم في البول من أجل الادعاء بالمرض.

الخلايا:
لعل كريات الدم الحمر والبيض والخلايا الأنبوبية هي أهم الخلايا التي تهم طبيب الكلية عند قراءته لفحص البول أما بالنسبة للخلايا الانتقالية والشائكة فلها أيضاً أهميتها في بعض أمراض الطرق البولية.

البيلة الدموية:
يجب التمييز ما بين نمطين أساسيين للبيلة الدموية وذلك تبعاً لمنشأ الكريات الحمر، البيلة الدموية الكُبيبية المنشأ وتكون فيها الكريات الحمر مشوّهة Dysmorphic وهي كما يدل اسمها على منشأ كُبيبي كلوي وغير الكُبيبية المنشأ وتكون الكريات الحمر فيها سوية الشكل Isomorphic وهي تشير غالباً إلى منشأ غير كلوي (الشكل 4)، وبالتالي فالتمييز ما بين هذين النمطين له عظيم الأهمية أكان ذلك بالنسبة للمريض أو للطبيب حيث يساعد في التوجه السريري وبالتالي قد يجنب المريض العديد من الاستقصاءات الشعاعية أو الجراحية والتي قد تكون غير مبررة وكثيراً ما تكون هجومية وليست بمعزل عن مضاعفات قد لا تحمد عقباها.
وقد تم الاتفاق على أن لا تقل نسبة الكريات الحمر المشوهة عن 80% من مجمل الكريات الحمر المعدودة في الرسابة البولية حتى نتمكن من القول بأن منشأ البيلة الدموية هو كُبيبي دون أن يرتقي هذا القول إلى درجة اليقين. ومن أهم الصعوبات التي نواجهها في هذا السياق هي ضرورة توافر الخبرة الكافية في الحكم على شكل الكرية الحمر نظرا لتدخل العنصر الشخصي في هذا الموضوع وبالتالي احتمال الحصول على تقارير متباينة للعينة نفسها من قبل فاحصين مختلفين ومن هنا ضرورة الاعتماد على ذوي الخبرة وبنفس الوقت العمل على تطوير وتعميم هذه الخبرات على جميع المهتمين من المخبريين. وأخيرا لا بد من التعريف بأحد الأنماط الفرعية من الكريات الحمر المشوهة بشدة والتي تدعى بالمشوكة Acanthocyte (الشكل 5) بأنها تتمتع بحساسية ونوعية عالية جداً بحيث يكفي أن تشكل ما نسبته فقط 5% من مجمل الكريات الحمر المعدودة حتى تعد البيلة الدموية كُبيبية المنشأ.

بيلة الكريات البيض:
إن العدلات من الكريات البيض هي التي تكون معنية في الغالبية العظمى من الحالات حيث يشير وجودها في الرسابة البولية إلى حالة التهابية وليس بالضرورة انتانية، بما في ذلك الأسباب المناعية كالاضطرابات الكُبيبية المناعية المنشأ وبالتالي لا يمكن اعتبار البيلة القيحية مشخصة للانتان البولي فقد تشاهد في سياق الأمراض الحموية عند الأطفال والالتهابات المجاورة للجهاز البولي كما قد تتلوث عينة البول من الكريات البيض المهبلية. والعكس صحيح أيضاً، بمعنى أنها قد لا تكون موجودة في 50% من حالات البيلة الجرثومية اللاعرضية.
أما بالنسبة للحمضات والتي كان وجودها في البول يُعد مؤشراً للالتهابات الخلالية في البول فقد تبين لاحقا بأن لا دلالة نوعية لوجودها في البول نظراً لمصادفتها في لائحة طويلة من أمراض الكلية والجهاز البولي وبالتالي لم يعد يُبحث عنها في العديد من المراكز.  

الشكل 4: الكريات الحمر المشوهة في اليسار والسوية الشكل في الساحة اليمنى.


الشكل 5: Acanthocytes
اختبار النتريت:
إن قيام معظم العضويات الممرضة المسؤولة عن الانتانات البولية بإرجاع النترات إلى نتريت يؤدي إلى ظهور النتريت في البول، وعملية الإرجاع هذه تحتاج إلى فترة زمنية لا تقل عن أربع ساعات يبقى فيها البول ضمن المثانة ولهذا السبب تصادف سلبيتها الكاذبة في حال تعدد البيلات لعدم بقاء البول في المثانة لمدة كافية وكذلك الأمر عند الرضع، باعتبار أن كثرة التبول عندهم هي ظاهرة وظيفية أكثر من أن تكون مرضية، كما أن العضويات الممرضة المتوضعة تحت القلفة عند الذكور غير المختونين تتسبب بتلويث عينة البول بالنتريت دون أن يدل ذلك على انتان بولي وبالتالي هناك إيجابيات كاذبة وسلبيات كاذبة ولكن إيجابية هذا الاختبار عند الإناث أو الذكور المختونين تكاد تعادل إيجابية زرع البول في تشخيص الانتان البولي.

الخلايا الانبوبية:
يمكن لأصحاب الخبرة التمييز ما بين الأنواع المختلفة للخلايا الأنبوبية بدأ من الأنبوب القريب ومروراً بالبعيد وانتهاء بخلايا الأنبوب الجامع. وهي تعكس وجود أذية أنبوبية سواء أكان ذلك نتيجة نخر أنبوبي حاد أو التهاب كلية خلالي حاد أو حتى التهابات الكبب والكلية سيما الأشكال المتطورة منها.

البيلة الدسمة:
يشير وجود الدسم في البول إلى نفوذية زائدة للغشاء القاعدي للكبب الكلوية كما هو حاصل في البيلة البروتينية الغزيرة مما يتسبب برشح الجزيئات الدسمة عبر الكبب وخروجها في البول بأشكال مختلفة نذكر منها القطيرات الشحمية والاسطوانات الشحمية وبللورات الكوليستيرول والأجسام الدسمة البيضوية. وفي بعض الحالات النادرة قد تشير البيلة الدسمة الى بعض الأمراض الاستقلابية كما هو الحال في داء فابري وهو من أدواء خزن الدسم؛ وقد يكون وجود صلبان مالطا في الرسابة البولية هو مفتاح التشخيص لبعض المرضى المصابين بهذا الداء والذي غالبا ما ينتهي بالفشل الكلوي المزمن في العقد الرابع من العمر.

الاسطوانات:
الاسطوانة هي عبارة عن كتلة، يشكل بروتين تامهورسفال لحمتها، وتحتوي بداخلها جزيئات أو خلايا مختلفة وتتشكل في لمعة الأنبوب البعيد أو الجامع، ومن هنا تأخذ شكل الاسطوانة وبالتالي فهي تعد كشاهد على مرور هذه الجزيئات أو الخلايا من هذه الأنابيب وبعبارة أخرى يمكن إن تستخدم للدلالة على "شهادة المنشأ" لمحتواها سواء كان كريات حمر أو بيض أو خلايا أنبوبية أو جراثيم أو فطور..الخ (الشكل 7)، ومن الجدير ذكره أن وجود اسطوانات الكريات البيض في البول يدل على أن الانتان هو كلوي لكنها ولسوء الحظ ذات حساسية منخفضة باعتبار أنها قد تنحل في البول القلوي أو بالتنبيذ وقد يصعب التعرف عليها في غمار البيلة القيحية الغزيرة.

البللورات:
هناك ثلاث أنواع من البللورات، الشائعة، والمرضية، وتلك الناتجة عن استعمال الأدوية. البللورات الشائعة: وهي بللورات حمض اليوريك وأوكزالات الكالسيوم والفسفات ويكون تبلورها في البول عارضاً بسبب فرط إشباع عابر يكون بدوره ناجماً إما عن الإكثار من تناول الأطعمة، التي يؤول استقلابها إليه، أو عن حالة من التجفاف وبالتالي انخفاض الحصيل البولي وتجاوز القدرة القصوى على انحلال هذه المشتقات في البول وبالتالي تبلورها وأخيراً التبدل الحاصل في pH البول لسبب أو لآخر، وما يؤدي إليه من تبدل في قابلية هذه المشتقات للانحلال في البول، وعلى سبيل المثال تتشكل بللورات حمض اليوريك في البول الحامضي أما بللورات الفسفات فتتشكل في البول القلوي (الشكل 8)، ومهما يكن من أمر فان تكرر ظهور نوع البللورات نفسه عند المريض نفسه في كل مرة يجري فيها فحصاً لبوله لابد وأن يوجه نحو أحد الاضطرابات الاستقلابية التالية: البيلة الكلسية، فرط أوكزالات البول، بيلة حمض اليوريك.
تكمن الأهمية السريرية لهذه البللورات الشائعة بشكل أساسي في حالات القصور الكلوي الحاد غير المفسر حيث يساعد كثيراً العثور على بللورات حمض اليوريك في الرسابة البولية في التوجه نحو اعتلال الكلية بحمض اليوريك في حين أن بللورات أوكزالات الكالسيوم قد توجه نحو التسمم بالكحول الايتيلي.
البللورات المرضية: نعد منها بللورات الكوليستيرول، السيستين، اللوسين، التيروزين، و2-8 ديهيدروكسي أدنين (الشكل 9). وهنا يكفي أن تظهر مثل هذه البللورات في البول ولو لمرة واحدة للقول بوجود حالة مرضية ترتبط بنوع البللورات المشاهدة. ولابد هنا من التنويه إلى أهمية التعرف بشكل مبكر على بللورات 2-8 ديهيدروكسي أدنين، والذي يدل وجودها على حالة مرضية موروثة تؤدي إلى تكرار تشكل الحصيات الكلوية، وكثيراً ما تتسبب في القصور الكلوي الحاد نتيجة ترسب هذه البللورات داخل الأنابيب الكلوية وانسدادها، مع العلم بأنها صعبة الانحلال وسهلة التبلور مهما كانت pH البول ولكنها في الوقت نفسه تستجيب للعلاج بالألوبيرينول وبالتالي فهي حالة قابلة للعلاج وهو بدوره قد يوقي المريض من تطور الحالة نحو القصور الكلوي المزمن وربما من احتياجه مستقبلاً للكلية الصناعية.
بللورات الأدوية: يجب الشك بوجودها في كل مرة نجد أمامنا بللورات غير مفسرة فنقوم بالرجوع للمريض من أجل سؤاله عن الأدوية التي يستعملها ومن ثم العودة إلى الأشكال المعروفة لبعض بللورات الأدوية (الشكل 10) بغية معرفة عن أية بللورة دوائية نحن بصددها، وفي حال بقائها غير مفسرة مع الاستمرار بالاعتقاد بكونها دوائية المنشأ يمكن الاستعانة بالتحليل الطيفي لهذه البللورات Spectroscopy والذي يجرى في بعض المراكز العالمية وهو بدوره يساعد في معرفة هوية الدواء المتسبب في ظهورها.
ويعود سبب ظهور هذه البللورات إلى واحد أو أكثر من العوامل الأربعة التالية: تناول المريض لجرعة زائدة من الدواء، التجفاف، نقص ألبومين الدم، وpH البول، فعلى سبيل المثال يساعد البول الحامضي في تبلور الأموكسيسيللين بينما يتبلور دواء السيبروفلوكساسين في البول القلوي.
يساعد تحديد طبيعة هذه البللورات الغريبة كثيراً في التشخيص والعلاج وخاصة في حالات القصور الكلوي الحاد الدوائي المنشأ، إذ يكفي هنا إيقاف الدواء المتسبب بالحالة وتحسين حالة الإماهة عند المريض وتعديل pH البول بالاتجاه الذي يساعد في زيادة قابلية انحلال البللورت.  


الشكل 6: بللورة الكوليستيرول في الأيمن والاسطوانة الشحمية في الساحة اليسرى


الشكل 7: اسطوانات جرثومية في اليمين، كريات بيض في الوسط، كريات حمر في اليسار.

الشكل 8: بللورات الأوكزالات والفسفات


الشكل 9: بللورات السيستين و 2-8 ديهيدروكسي أدنين.


الشكل 10: بللورات لبعض الأدوية.
البيلة البروتينية
تنجم إيجابية بروتين البول المفحوص بالشرائط عن ارتباط الألبومين بمشعر لوني خاص هو تترابرومفينول، ورغم أن هذا الكاشف سريع وعملي في تحري البيلة البروتينية إلا أن السلبيات والإيجابيات الكاذبة تحد كثيراً من دور هذه الشرائط في دراسة البيلة البروتينية، فمن المعروف أن البول الممدد قد يعطي نتائج سلبية كاذبة أما بالنسبة للإيجابيات الكاذبة فأسبابها كثيرة جداً كالبول الكثيف أو البول القلوي أو البيلة الدموية العيانية المرافقة أو البيلة القيحية أو البيلة الجرثومية أو تلوث البول بالمطهرات أو تناول المريض لبعض الأدوية مثل الفينازوبيريدين وأخيراً التأخر الشديد في فحص عينة البول. ولابد من الانتباه إلى ذلك النمط من البيلة البروتينية والذي يظهر فقط أثناء وضعية القيام وتختفي فيه البيلة البروتينية بوضعية الاستلقاء، ولتأكيد التشخيص هنا يجمع البول بوضعية الاستلقاء فقط حيث تغيب البيلة البروتينية مما يؤكد تشخيص البيلة البروتينية الانتصابية Orthostatic proteinuria.

pH البول
تعد pH البول محدودة القيمة في تقييم حالات الحماض نظراً لكونها تعكس فقط شوارد الهيدروجين الحرة في البول والتي هي بحد ذاتها لا تشكل سوى نسبة ضئيلة جداً من إجمالي شوارد الهيدروجين التي تفرز يومياً في البول ويتم طرحها مرتبطة مع الأمونيا بشكل أساسي وبنسبة أقل على شكل أحماض عيورة Titrable acids، وإن قياس فجوة صواعد البول هي التي تعكس قدرة الكلية على تحميض البول من خلال دلالتها غير المباشرة على المحتوى البولي من الأمونيوم.
ونظرا لكون قياس pH البول عملي وسريع فهو في حقيقة الأمر الطريقة المتبعة في الغالبية العظمى من الحالات ويفضل معها اللجوء إلى قياس pH البول بواسطة جهاز قياس الـ pH وليس من خلال الشرائط Dipsticks.

البيلة الغلوكوزية
هنالك سلسلة من الخطوات التي يتوجب اتباعها في كل مرة يكون سكر البول إيجابياً. بادئ ذي بدء لا بد من التأكد من أن عينة البول كانت موضوعة في العبوة المخصصة لذلك وليس في أية عبوة آخرى لربما كانت تحتوي على مواد يدخل السكر في تركيبها كزجاجات العصير مثلا. وبجميع الأحوال لا بد من إعادة فحص البول للتأكد من استمرار البيلة السكرية مع إجراء فحص لسكر الدم الصباحي للتأكد أيضا من عدم إصابة المريض بالداء السكري حيث يطرح السكر في البول بمجرد تجاوز مستواه في الدم العتبة الكلوية، وفي حال كان سكر الدم مرتفعاً، عندئذ يحسن التأكد من عدم تلقي المريض للسوائل الوريدية الغلوكوزية لحظة إجراء تحليل البول، مما تسبب في ارتفاع سكر لدم، قبل الحكم على المريض بأنه يعاني من الداء السكري، أما في حال غياب الداء السكري مع استمرار البيلة الغلوكوزية فالمشكلة هنا أنبوبية كلوية صرفة وينحصر التشخيص بأحد احتمالين اثنين نادرين لا ثالث لهما، الأول هو البيلة الغلوكوزية المعزولة وهي حالة سليمة، وكثيراً ما تكون عابرة وتنجم عن انخفاض في عتبة عود امتصاص الغلوكوز في الأنبوب الكلوي القريب، والاحتمال الثاني وهو الأصعب أن يكون المريض وهو طفل على الأغلب، مصابا بداء فانكوني، والذي تصاب فيه بعض أو كل وظائف الأنبوب القريب، وبالتالي لابد من البحث عن العلامات المخبرية لاضطراب هذه الوظائف والتي تتلخص بحماض أنبوبي كلوي قريب وبيلة فسفاتية وبيلة أحماض أمينية إضافة إلى البيلة السكرية.

الكثافة النوعية والحلولية
قد يكون لدى البعض صعوبة ما في التمييز ما بين الكثافة النوعية للبول وحلولية البول، وباختصار فان الكثافة النوعية هي التي تقيس ثقل أو وزن حجم معين من البول مقارنة بمثله من الماء المقطر، وبالتالي فهي تتعلق بكل من عدد وحجم الجزيئات المنحلة في البول. أما الحلولية فهي تقيس كثافة البول وبالتالي تتعلق بالمستوى الدموي للهرمون المضاد للإدرار وعدد الجزيئات المنحلة في البول وتتراوح قيمتها بين 50-1200 ميلي اسمول/ كغ ماء. وكقاعدة عملية ومبسطة بإمكاننا استنتاج حلولية عينة بول من خلال ضرب آخر رقمين من الكثافة النوعية بالرقم أربعين، مثال ذلك إذا كانت الكثافة النوعية للبول 1.015 تقدر الحلولية بضرب 15 بالرقم 40 والحاصل هو 600 ميلي أسمول/ كغ تقريباً.
لكن العلاقة بين الكثافة النوعية والحلولية ليست دوماً ثابتة وبالتالي لابد من توخي الحذر عند الاعتماد دوما على الكثافة النوعية من أجل استنتاج الحلولية سيما عندما تكون الكثافة مرتفعة حيث يمكن لبعض المواد كالغلوكوز والمواد الظليلة أن ترفع بشكل كاذب من الكثافة النوعية للبول دون أن يعني ذلك بالضرورة ارتفاعاً وبالقدر نفسه في حلولية البول وبالتالي بقدرة الكلية على تكثيف البول، أما في الحالات التي تكون الكثافة النوعية للبول منخفضة فتكون العلاقة بين الكثافة والحلولية تقريبا ثابتة وبالإمكان الوثوق بها.

الخلاصة
لما كان فحص البول والراسب بهذه السهولة وبهذه الأهمية على حد سواء، وبالتالي يحق لأي منا أن يتساءل: لماذا لا يأخذ هذا الاختبار حقه ومكانته التي يستحق في الممارسة اليومية سواء تعلق الأمر بالممارسين السريريين أو بالمخبريين..! سؤال نضعه أمامنا جميعا ونتوخى الإجابة عليه من خلال تسليط المزيد من الضوء والعمل على إعادة النظر في الكثير من حيثيات ممارستنا اليومية لمهنة الطب.  
المراجع References 
1-The European Urinalysis Guidelines.
The Scandinavian Journal of Clinical and Laboratory Investigation، 60، 231، 2000.

2-Fogazzi GB، Ponticelli C، Ritz E.
The Urinary Sediment. An Integrated View. 2nd Edition. Oxford، Oxford University Press, 1999.  
 
 
 
المجلد 4 , العدد 8 , ذو الحجة 1428 - كانون الثاني (يناير) 2008

 
 
SCLA
  ©  2003 - 2008    SCLA All rights reserved By Platinum Inc.