المجلد 5 ,
العدد 10
, المحرم 1432 - كانون ثاني (يناير) 2011 |
|
أنواع الطفيليات المعوية المنتشرة عند أطفال مرحلة التعليم الأساسي
في مدينة حماه – سورية
|
The Species of Intestinal Parasites and Their Prevalence in Elementary School Children of HAMA City - Syria |
أ.د. محمد طاهر إسماعيل |
ISMAIL M.T. |
الجامعة العربية الدولية (الخاصة)، كلية الصيدلة، غباغب، سورية
Private Arab International University, Faculty of Pharmacy, Ghabagh, Syria
دراسة ميدانية
|
الملخص Abstract |
جرى فحص731 عينة برازية، أخذت من أطفال مرحلة التعليم الأساسي في 11 مدرسة موزعة في مدينة حماة في سورية، وذلك في الفترة مابين كانون الأول 2009 وآذار 2010. كان هدف هذا البحث تعيين أنواع الطفيليات المعوية المنتشرة عندهم.
وُجد في هذه الدراسة أن هنالك 148 عينة براز حاوية على الطفيليات (20.3%) وكانت هنالك 78 عينة تحوي طفيليات ممرضة للبشر (52.7%).
كانت أنواع الطفيليات الممرضة التي شوهدت في البحث بحسب نسبة انتشارها كالتالي: الجياردية اللمبلية (5.33%)، فطور المبيضات (4.38%)، الصفر الخراطيني (الإسكاريس) (0.27%)، السرمية الدويدية (0.55%)، وأخيراً شفوية السياط المنيلية (0.14%). والجدير بالذكر أنه لم تشاهد أية حالة من المتحولة الحالة للنسج. أما الطفيليات غير الممرضة فكانت: المتحولة القولونية (5.1%) والأكياس الأريمية البشرية (8.07%).
|
731 Stool samples were examined, they were taken from children of 11 elementary schools distributed in HAMA city, in Syria, between December 2009 and march 2010. The aim of this research was to determine the species of intestinal parasites and their prevalence.
It was found that 148 stool specimens contained parasites (20.3%) and there were 78 samples containing pathogen parasites for human (52.7%).
The species of pathogen parasites according to their prevalence were: Giardia lamblia (5.33%), Candida sp. (4.38%), Ascaris lumbricoides (0.27%), Enterobius vermicularis (0.55%) and Chilomastix mesnili (0.14%). No Entamoeba histolytica was seen. Whereas non pathogen parasites were: Entamoeba coli (5.1%) and Blastocystis hominis (8.07%).
|
المقدمة Introduction
|
ساهم في انجاز هذا البحث كل من صفاء الأمين ونور الريس
تنتقل الطفيليات المعوية عبر الطريق الهضمي إما بشرب مياه ملوثة أو بتناول خضار نيئة مروية
بمياه الصرف الصحي غير المعالجة، وتسبب بعض هذه الطفيليات مشكلة صحية هامة، وخاصة عند الأطفال، مؤدية إلى اضطرابات في نمو الطفل من حيث نقص في الوزن وفي الهيموغلوبين وآلام بطنيه غامضة (1، 5، 12، 24). ومن أهم هذه الطفيليات التي مازالت منتشرة في بلدنا سورية هي الجياردية اللمبلية.
لقد نشرنا في أبحاث سابقة، أجريت مؤخراً في المحافظات السورية كدمشق وريفها (7) والقلمون (9) وإدلب وريفها (3) وفي حمص(1) وريف درعا، (6) ملاحظتنا أن بعض أنواع الطفيليات المعوية قد تراجع لدرجة الاختفاء، كديدان الصفر (الأسكاريس)، والمسلكة الشعرية، والمتحولات الزحارية. والبعض الآخر مازال موجوداً وحتى بنسب عالية في بعض المناطق كطفيلي الجياردية اللمبلية.
لقد وضعنا منذ سنوات قريبة خطة بحثية تهدف إلى رسم خارطة جغرافية جديدة لمعرفة الأنواع الطفيلية المعوية المنتشرة وتوزعها في المحافظات السورية، لأن هذه المعرفة الجديدة تعكس أهمية بالغة في ترشيد استخدام الأدوية المضادة للطفيليات المعوية، كون كثير من الناس في بلدنا يتناولون طاردات الديدان كل عدة أشهر ظناً منهم بوجود عرضٍ يشير إلى أنهم مصابون بتلك الطفيليات.
وبناءً على ما سبق فقد توجهنا في هذا البحث إلى التحري عن الطفيليات المعوية الموجودة في مدينة حماة، عند تلاميذ مرحلة التعليم الأساسي (أي من الصف الأول وحتى السادس)، وذلك لمعرفة أهم الطفيليات المسيطرة الممرضة منها وغير الممرضة. ولقد اخترنا هذه المرحلة العمرية لأنها الأهم في نمو الطفل والأكثر عرضةً للإصابة بالطفيليات المعوية، نتيجة نقص الوعي الصحي لديهم (فبعض المدارس التي أجري فيها البحث كانت تفتقر حتى إلى وجود الصابون)، كما إن جميع الأبحاث السابقة التي أجريت للهدف نفسه في بقية المحافظات السورية هي في المرحلة العمرية نفسها.
منطقة الدراسة
جرى انتقاء إحدى عشرة مدرسة موزعة على مناطق مختلفة، في مدينة حماه، متقاربة من حيث البيئة الاجتماعية، وذلك بعد أخذ موافقة مدير التربية في المحافظة (والمدارس هي: عدنان المالكي، صالح قنباز، محمود عمر حصرية، فايز زمزوم، محمود سعود الريس، الرهبات، سريحين، جهاد المصري، إبراهيم الصواف، عبد الرزاق حسون، كفربو) (الشكل 1).
طريقة جمع العينات
جرى التواصل مع مدراء المدارس الإحدى عشرة، وشُرح هدف البحث ومن ثم جرى انتقاء صف من كل مستوى. وزعت أكثر من ألف ومئتي عبوة بلاستيكية مرقمة على التلاميذ لجمع البراز، ووضعت كل منها ضمن كيس نايلون وجرى الشرح، بالتعاون مع معلمة الصف، حول كيفية أخذ العينة وملء بطاقة الاستبيان المرافقة، التي كان الهدف منها ضبط رقم واسم التلميذ والمدرسة والعمر وفقرة عن الأعراض السريرية التي يعاني منها الطفل. وفي اليوم التالي جُمعت العينات من التلاميذ. ولقد حصلنا من هذه العبوات على 731 عينة فقط.
حفظ العينات لحين فحصها:
بعد جمع العينات والتأكد من مطابقة رقمها مع رقم الاستبيان أُضيف حجم من الفورمول المَّدد (20%) يماثل حجم العينة البرازية وبعد مجانستها تمَّ نقلها إلى مخبر الأحياء الدقيقة في، كلية الصيدلة في الجامعة العربية الدولية ليتم فحصها.
الفحص المخبري
قبل إضافة الفورمول للعينة، جرى تسجيل لون البراز وقوامه: طبيعي- صلب- لين- إسهالي- مخاطي – مدمّى......الخ.
وعند الفحص أجري محضران لكل عينة، الأولى استحلبت بالمصل الفيزيولوجي، والأخرى باليود اليودي وذلك لإمكانية زيادة نسبة مشاهدة الطفيليات، لأنه غالباً ما لاحظنا وجود عدد قليل من الطفيليات في بعض العينات فتكرار الفحص للعينة الواحدة يزيد فرصة إيجاد الطفيلي. ولم يجرِ اللجوء إلى التكثيف نظراً لكون هذه الطريقة تستخدم لأنواع معينة من الطفيليات، أما الطفيليات المشخصة فتطرح بشكل جيد في البراز ولا داعي للتكثيف. شوهدت بعض أتاريف الجياردية غير المتحركة لأنها مثبتة بالفورمول. لقد فحصت العينات كلها بدون استثناء بأيدٍ خبيرة حرصاً على عدم وقوع الخطأ من الفاحص غير الخبير باشتباهه بأي عنصر على أنه طفيلي.
|
الشكل 1: خريطة مدينة حماه تظهر مناطق مدارس التعليم الأساسي التي كانت محور البحث.
الجدول 1: عدد العينات المأخوذة من مدارس البحث وتوزعها حسب الجنس.
عدد المدارس الكلية |
عدد العينات المفحوصة |
الإناث |
الذكور |
11 |
731 |
395 |
336 |
النسبة المئوية |
%100 |
%54.04 |
%45.96 |
الجدول 2: عدد العينات إيجابية الطفيليات ونسبتها المئوية.
عدد العينات الكلية |
العينات الإيجابية بالطفيليات |
العينات السلبية بالطفيليات |
731 |
148 |
583 |
% |
%20.3 |
%79.7 |
الجدول 3: عدد الطفيليات المشخصة حسب تصنيفها الطفيلي العام ونسبة حدوثها.
عدد العينات الإيجابية وتصنيفها الطفيلي العام |
Rhizopodes
الجوإذر |
Flagellates
السوطيات |
Helminthes
الديدإن |
Candida
فطور المبيضات |
Blastocystis Hominis
الأكياس الأريمية البشرية |
148 |
11 ( 7.34 %) |
40 ( 27.02 %) |
(%4.05) 6 |
(%21.6) 32 |
59 ( 39.8 %) |
الجدول 4: عدد العينات الحاوية على طفيليات ممرضة وغير ممرضة المشخصة ونسبتها المئوية.
عدد العينات الإيجابية بالطفيليات |
عدد العينات الحاوية على
طفيليات ممرضة |
عدد العينات الحاوية على
طفيليات غير مرضة |
148 |
78 |
70 |
% |
%52 . 7 |
%47 . 3 |
الجدول 5: أنواع الطفيليات الممرضة المشخصة ونسبة حدوثها.
نوع الطفيلي الممرض |
عدد العينات الإيجابية |
% |
الجياردية اللمبلية Giardia lamblia |
39 |
%5 . 33 |
شفوية السياط المنيلية Chilomastix mesnili |
1 |
%0 . 14 |
الصفر الخراطيني Ascaris lumbricoides |
2 |
%0 . 27 |
السرمية الدويدية Enterobius vermicularis |
4 |
%0 . 55 |
فطور المبيضات sp. Candida |
32 |
%4 . 38 |
العدد الكلي للعينات الإيجابية بالطفيليات الممرضة |
78 |
الجدول 6 : أنواع الطفيليات غير الممرضة المشخصة ونسبة حدوثها.
نوع الطفيلي غير الممرض |
عدد العينات الإيجابية |
% |
المتحولة القولونية Entamoeba coli |
11 |
1 . %5 |
الأكياس الاريمية البشرية Blastocystis hominis |
59 |
%8 . 07 |
العدد الكلي للعينات الإيجابية بالطفيليات غير الممرضة |
70 |
|
المناقشة Discussion |
نظراً للتبدلات التي لاحظناها في السنوات الأخيرة على انتشار بعض الأنواع الطفيلية واختفاء بعضها الآخر (2)، فلقد قررنا وضع خطة بحثية تهدف إلى دراسة الطفيليات المعوية الممرضة والمسيطرة في سورية. لقد اخترنا في هذه الدراسة الأطفال في مرحلة التعليم الأساسي وذلك لسببين: الأول، أن الأطفال في هذه المرحلة العمرية هم أقل نظافة وأكثر إصابة بالطفيليات لقلة وعيهم الصحي، والثاني، أننا نستطيع أن نقارن نتائج أبحاثنا في الموضوع نفسه، في المحافظات السورية، على الفئة العمرية نفسها.
لقد بدأنا بنشر هذه الأبحاث عام 2008، في مدينة دمشق وريفها (2)، إدلب وريفها (3)، ريف درعا (6)، القلمون (9)، وأخيراً هذا البحث في مدينة حماه. وسوف نقوم إن شاء الله بدراسة بقية المناطق السورية، إن استطعنا، لرسم خارطة جغرافية جديدة لتوزع الطفيليات في المحافظات السورية.
لا توجد دراسة ميدانية تبين أنواع الطفيليات المعوية الممرضة المنتشرة في حماه، لذلك نقدم في هذا البحث، الذي يجرى للمرة الأولى، نتائج التحري عن الطفيليات المعوية عند تلاميذ التعليم الأساسي في هذه المدينة.
جرى فحص 731 عينة براز لأطفال التعليم الأساسي في مدينة حماه، تراوحت أعمارهم بين 8-10 سنوات موزعين على إحدى عشرة مدرسة، وذلك بهدف معرفة أنواع الطفيليات المعوية (الممرضة وغير الممرضة) الشائعة في تلك المنطقة.
بلغت نسبة التطفل في هذه الدراسة 20.3%، إذ بلغ عدد العينات إيجابية الطفيليات 148/ 731.
أما بالنسبة لمجموعة الطفيليات المشاهدة، فلقد كانت متنوعة حسب تصنيفها الطفيلي العام، إذ نلاحظ من الجدول 3 أن الأكياس الأريمية البشرية والسوطيات هي الأكثر انتشاراً تليها فطور المبيضات ثم الجواذر فالديدان. لقد قسمنا هذه الطفيليات إلى مجموعتين، الممرضة وغير الممرضة، فكانت النسب 52.7%، 47.3% على الترتيب. وسنناقش كل مجموعة على حدة حسب أهميتها الطبية.
بالنسبة للسوطيات لاحظنا أن طفيلي الجياردية اللمبلية هو المسيطر في العينات الإيجابية وهو يحتل المرتبة الأولى من بين الطفيليات الممرضة المشخصة، إذ بلغت نسبة انتشاره 5.33%، ولم نلاحظ أي فارق إحصائي بين إصابة كلا الجنسين بهذا الطفيلي. ولا ننسى أهمية هذا الطفيلي من الناحية الإمراضية عند الأطفال، خاصة أنه قد يسبب فقر دم ناقص الصباغ ونقص نمو عندهم بسبب استعماره للأمعاء الدقيقة وتشكيله حاجزاً ميكانيكياً يعيق امتصاص الحديد، والزنك (1، 5، 8، 11، 24). ولقد أشارت الدراسات المختلفة التي أجريناها في المحافظات السورية إلى أن نسبة هذا الطفيلي مرتفعة في بلدنا منذ سنوات طويلة، إذ بينت الدراسة التي نشرها إسماعيل عام 1989 في دمشق أن نسبة الجياردية اللمبلية هي 9.7%(4). أما الدراسة التي أجريت على أطفال مدارس التعليم الأساسي في حمص عام 2004 فقد بلغت نسبة الإصابة بالجياردية 22% (1)، ثم أعيدت دراسة في دمشق وريفها مؤخراً عام 2008 للهدف نفسه، فوجدنا أن نسبة انتشار الجياردية عند أطفال مدراس التعليم الأساسي تراوحت من 6- 26%، حسب المنطقة (13). أما في ريف إدلب، فلقد أجرينا دراسة مشابهة عند التلاميذ عام 2009 فكانت نسبة الإصابة بالجياردية 23.8%(3). ولابد أن نشير إلى أن نتائج الدراسة التي أجريناها في ريف درعا مؤخراً عام 2009(6) والقلمون عام 2010(9) بينت أن الجياردية اللمبلية هي المسيطرة، من بين الطفيليات المعوية الممرضة، عند الأطفال، إذ بلغت النسبة 12.6 % و 6,07% على الترتيب. يتبين لنا من هذه الدراسات جميعها، أن الجياردية اللمبلية هو الطفيلي المعوي الممرض المسيطر عند الأطفال في المحافظات السورية. ويعود ذلك إلى وجود خوازن حيوانية، كالكلاب والقطط والحيوانات الأخرى، كما إن نسبة الكلور المضافة إلى المياه المعالجة والمسموح بها من قبل المنظمة العالمية للأغذية والزراعة (الفاو FAO) غير كافية لقتل أكياس الجياردية إذ تبقى حية وتجرف مع المياه المعالجة لسقي الأراضي الزراعية لقلة ثقلها النوعي.
أما فيما يتعلق بهذا الطفيلي في الدول المجاورة لسورية، فلقد ذكر أن نسبة الجياردية في فلسطين قد بلغت في غزة 10.43%(10)، وفي خان يونس 22.3%(20)، وفي دراسة لبنانية بلغت 15.39%(16). وقد وصلت نسبة الإصابة إلى 38% في دراسة أجريت على الأطفال في مدينة دهوك شمال العراق(15)، بينما كانت النسبة في البصرة 13.8%(25). ولقد أشارت دراسة تركية إلى الأهمية الإمراضية لهذا الطفيلي وأن نسبة الإصابة به بلغت 16.5%(21). أما الدراسة الأردنية التي أجريت في عمان فلقد أظهرت نسبة عالية جداً من الإصابة بالجياردية اللمبلية، إذ بلغت 62%(14).
وتأتي شفوية السياط المنيلية في المرتبة الثانية، من حيث الانتشار والأهمية، والتي شُخص منها حالة واحدة فقط. ويشاهد هذا السوطي بخاصة في فصل الصيف نتيجة تناول الخضار النيئة وهو يؤدي إلى إسهالات غير مدماة وغير مخاطية(5)، وبالرجوع إلى دراستنا عام 1989، نجد أن هذا الطفيلي مازال منتشراً ولكن بنسب قليلة 0.8%(4). كما شوهد في دراسة منطقة القلمون بنسبة 0.14%(9)، ولكنه ينتشر بنسب أعلى في بقية المحافظات السورية إذ بلغ في ريف درعا 1.96%(6) وفي إدلب 5.2%(3).
لم تشخص أية أنواع أخرى من السوطيات المعوية المعروفة.
أما فيما يتعلق بالجواذر، أي المتحولات، فمن الملاحظ من أنه لم نشخص أية حالة من المتحولات الحالة للنسج (الزحار) في حماه لأن انتشاره أصبح ضئيلاً جداً في سورية، وهذا أمر هام جداً يجب أن نشير إليه. تعطي بعض المخابر في سورية تشخيصاً خاطئاً لهذه المتحولة بسبب أنها تلتبس كثيراً مع بقية الجواذر الموجودة في الأمعاء، والتي يبلغ عددها سبعة متحولات غير ممرضة لا مجال لذكرها هنا.
يعتمد تشخيص المتحولات على صفات الكروماتين الموجود في النواة. ففي المتحولة الحالة للنسج يبطن الكروماتين، الذي هو على شكل حبيبات ناعمة، الغلاف الداخلي للنواة وبشكل منتظم، مما يعطيها منظراً خاتمياً متجانساً وهذا الشكل يختلف عن شكل وتوضع الكروماتين في نواة بقية المتحولات(5، 24).
وللأسف فإن الاعتقاد السائد عند بعض أطباء الهضمية في سورية، وحتى عند بعض المخبريين، أن أكثر الطفيليات المعوية انتشاراً هي المتحولات الزحارية. لذلك من جملة أهداف بحوثنا في سورية أن نشير إلى النسب الحقيقية لانتشار المتحولات الزحارية، والتي أصبحت نادرة.
ففي الدراسة التي نشرناها سابقاً في سورية عام 1989 بلغت نسبة وجود أكياس المتحولة الحالة للنسج 6.1%(4). وهذه النسبة هي قبل تشغيل محطة الصرف الصحي بدمشق عام 1998، ثم انخفضت إلى 1.9% بعد تشغيلها(2)، أما في ريف إدلب فشوهدت أكياس المتحولة الحالة للنسج بنسبة 1% فقط(3). وفي ريف درعا والقلمون لم تشخص أية حالة من المتحولات الحالة للنسج (الزحار). ونود أن نشير إلى أن هذه الحالات المشخصة هي أكياس فقط، ناتجة بالطبع عن الأشكال الأتروفية طليعة الكيس الموجودة في أمعاء المصابين، والتي تمر بدورة حياة غير ممرضة قد تستمر لسنوات طويلة يحملها المريض، ولم نشخص أية حالة من الشكل الممرض الحال للنسج والملتهم للكريات الحمراء.
أما عن انتشار هذه المتحولة في الدول المجاورة فلقد ذُكرت بنسب عالية في غزة، عام 2000، إذ بلغت 70.19%(10)، وفي الدراسة اللبنانية، التي نشرت عام 2001، بلغت 4.57%(22)، والنسب قليلة في الدراسة في شمال العراق عام 2006(15)، ولكنها كانت عالية في البصرة عام 2000، إذ بلغت 23.8%(25). وبلغت في الأردن 20% في الدراسة التي نشرت عام 2006 (14)، وفي إيران 1%عام 2005 (26)، ولم تذكر نهائياً في الدراسة التركية التي أجريت عام 2008(21).
أما المتحولات القولونية (الجدول 6) فهي الأكثر مشاهدة من بين الجواذر، وهي غير ممرضة، إذ وجدت في إحدى عشرة عينة (أي بنسبة 5.1%). لكن في مناطق سورية أخرى بلغت النسبة أعلى من ذلك، إذ وصلت في ريف إدلب إلى 18.3% وفي المدينة 5.3%(3). أما في ريف درعا فبلغت 9.4%(6)، وفي القلمون 1.27%(9). ولم يشخص أي نوع آخر من الجواذر في دراستنا هذه.
أما مايتعلق بالديدإن، فلقد شخصت 4 حالات من السرمية الدويدية (الحرقص) (أي بنسبة 0.55%)، وواقع الأمر أن نسبة انتشار هذا النوع هي أعلى بكثير مما وجدناه وذلك لأن طبيب الأطفال يعالج المريض عادة دون طلب فحص براز بناء على الأعراض السريرية التي تكون واضحة ومشخصة، وتُعد مشاهدة بيوض الحرقص في البراز نادرة لأن الإناث الملقحة تضع بيوضها بعد هجرتها خارج الأمعاء على مخاطية الشرج، ويُعد اختبار السلوفان اللاصق هو الأفضل لتشخيصها(5، 24). ينتشر هذا النوع من الديدان في كافة المحافظات السورية إذ شوهد في ريف إدلب بنسبة 2% وفي المدينة بنسبة 0.6%(3)، أما في ريف درعا فبلغت نسبة مشاهدة البيوض في البراز 0.39%(6).
من الملاحظ في هذا البحث، أنه جرى تشخيص حالتين من ديدإن الصفر الخراطيني في قرية كفربو عند العائلة نفسها، والجدير بالذكر أنه لم نعثر على بيوض الصفر في الدراسات الأخرى التي أشرنا اليها سابقاً كدمشق وإدلب وحمص وريف درعا والقلمون، وهذا ما نريد أن نؤكد عليه من أن ديدان الصفر قد اختفت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة(2)، وقد يكون سبب اختفاء هذه الديدان هو المعالجة العشوائية من قبل الناس ذاتهم بتناول طاردات الديدان كل 2- 3 أشهر، أو قد يكون التراجع بيولوجياً طبيعياً، إذ لوحظ هذا التراجع في دراسات مماثلة في الدول الأخرى كاليمن(23)، ولاشك أن محطات الصرف الصحي قد لعبت دوراً كبيراً في هذا الاختفاء. ولابد أن نشير هنا أيضاً، وللأسف، إلى أن بعض حبوب طلع النباتات تشبه إلى حد بعيد بيوض الصفر فيشخصها بعض الزملاء المخبريين في سورية على أنها بيوض الصفر.
لم تشخص أية حالة من الديدان الشريطية بعكس بقية المناطق السورية، إذ لاحظنا نسباً متفاوتة من محرشفة الغشاء القزمة، ففي ريف إدلب بلغت أعلى إصابة 12%، وفي المدينة 2.6%(3)، أما في ريف درعا فبلغت 1.04%(6).
من الطفيليات التي كشفت في البراز وجود الأكياس الأريمية البشرية Blastocystis hominis، والتي بلغت نسبتها في دراستنا 8.06%، والتي لم يُعرف تصنيفها حتى الآن، هل هي من الأوالي أم من الفطور ؟؟؟(5). يتراوح قياس هذه العناصر من 5- 15 ميكرومتر، ولها شكل مدور، وأحياناً بيضوي وهي لماعة جداً، ولها غلاف رقيق وتحوي فجوة مركزية تملأ القسم الأكبر من الخلية وتأخذ مظهراً أصفر شاحب مخضر وتحوي على عدة نوى محيطية عاكسة للضوء(5، 17، 24)، وللأسف تشخص هذه العناصر على أنها أكياس متحولات زحارية وخاصة عند من لا يملك خبرة في الفحص المجهري. أما عن إمراضيتها فهي قيد الجدل(19)، إذ يعدها البعض ممرضة إذا وجدت وحدها وبغزارة في البراز السائلي كما أشارت دراسة الشاذلي في مصر عام 2005(18).
ويُعد هذا الطفيلي غير الممرض من أكثر الطفيليات شيوعاً في سورية، حيث شُخص في الدراسات التي أجريناها جميعها، في المحافظات السورية حتى الآن، إذ بلغت أعلى نسبة له في ريف إدلب 47.5%(3)، ثم في مدينة دمشق 10.8%(7)، يليها ريف درعا 8.62%(6)، والقلمون 8.05%(9)، وأخيراً في مدينة إدلب 8%(3).
الأكياس الأريمية البشرية هي عالمية الانتشار وتختلف نسبة تطفلها من منطقة لأخرى ففي الدراسة التركية بلغت نسبتها عند الأطفال 19.8%(21)، وفي الدراسة العراقية بلغت نسبتها 28.4%(25). ولم تذكر في الدراسات الأردنية والفلسطينية واللبنانية ويُعتقد أن السبب في عدم ذكرها يعود إلى أن هذه العناصر غير ممرضة فلم يهتم بها الباحثون.
أخيراً ما ذكرناه عن فطور المبيضات، فإنه لابد أن نشير إلى أن العينات الإيجابية بها والتي كان عددها 32 أي بنسبة 4.38% هي فطور ممرضة ومسببة لما يسمى بالسلاق المعوي، لأن كمية الخمائر كانت غزيرة بالساحة المجهرية، وهي بحالة تكاثر نشيط، كما إن قوام البراز كان طرياً ومخضراً مع وجود بعض الكريات البيضاء. لذلك صنفت هذه الخمائر على أنها ممرضة ولم نضع في الحسبان بقية العينات التي شوهدت فيها خمائر المبيضات بحالة رمية. لقد شخصت هذه الفطور الممرضة أيضاً في دراستنا بريف درعا إذ بلغت 5.74%(6)، وفي القلمون كانت بنسبة 2.96%(9).
أخيراً نوجه النداء من خلال هذا البحث إلى السلطات الصحية المسؤولة في سورية بأن هذا التراجع في بعض الطفيليات أو فقدانها يجب أن يعكس التفكير في عدم إعطاء العلاجات العشوائية، التي تبنى على الأعراض السريرية فقط أو التشخيص الخاطئ لها. كما أنه من الهام جداً أن ننشر الوعي الصحي بين تلاميذ المدارس الابتدائية، عن طريق المعلمات بضرورة غسل الأيدي قبل الطعام وبعده وغسل الخضار جيداً.
|
المراجع References |
1- إبراهيم غسان
نقص الحديد والزنك في مصل الأطفال المصابين بخمج الجياردية اللمبلية في حمص - سورية
رسالة دكتوراه، إشراف أ.د. محمد طاهر إسماعيل. كلية الطب البشري، جامعة دمشق 2004.
2- الكفري عبير وإسماعيل محمد طاهر
التراجع الهائل للطفيليات المعوية البشرية وبخاصة الديدإن في دمشق وريفها دراسة تشخيصية في الفترة بين عامي 1998-2007.
مجلة التشخيص المخبري، 5: 1، 51-65، 2008.
3- الكفري عبير، حربا عبد القادر
الطفيليات المعوية عند أطفال التعليم الأساسي في محافظة إدلب وريفها.
مجلة التشخيص المخبري، 5: 2، 37-46، 2009.
4- إسماعيل محمد طاهر
أنواع الطفيليات المعوية ونسبة انتشارها عند الإنسان في القطر العربي السوري.
مجلة التشخيص المخبري، 1، 5، 46-54، 1989.
5- إسماعيل محمد طاهر والكفري عبير
الطفيليات والفطور الطبية، كتاب جامعي منشورات جامعة دمشق كلية الطب البشري 2008 (450 صفحة).
6- إسماعيل محمد طاهر، موصلي مهند، الذيب سوزان، الحلاق نهلة، شفة رغد، بيبرص بشر والمالح محمد
الطفيليات المعويـة المنتشـرة عند أطفال التعليم
الأساسي في ريف محافظة درعا/ سورية 2010 (2010- JABHS قيد النشر).
7- حربا عبد القادر
الأخماج الطفيلية المعويـة عند أطفال مرحلة التعليم الأساسي في مدينة دمشق وريفها.
رسالة دراسات عليا، إشراف أ.د. محمد طاهر إسماعيل، كلية الطب البشري، جامعة دمشق 2009.
8- كرزون محمود، شاهين إميل و عبيد ميشيل
دراسة طفيلية وإنزيمية (كيموتربسين) حول بعض أسباب سوء الامتصاص عند الأطفال.
مجلة التشخيص المخبري، 1: 1، 44-48. 1987.
9- محمد ملهم العش، عمرو عابدين، محمد فراس صيرفي، محمد نور الشريف، عبير الكفري ومحمد طاهر إسماعيل
أنواع الطفيليات المعوية المنتشرة عند أطفال مرحلة التعليم الأساسي في منطقة القلمون – ريف دمشق - سورية.
المجلة العربية للعلوم الصيدلية - مجلة اتحاد الجامعات العربية (2010- قيد النشر)
|
10-Abboud Y. El Kichaoi, Abdel Fattah N. Abd Rabou, Fadel A. Sharif, Hosni M. and El-Amssi Ahli
Changing trends in frequency of intestinal parasite in Gaza, 1995-2000;
Journal of the Islamic University of Gaza, (Natural Sciences Series) 12, 2 121-129, 2004.
11-Ahmed MM, el Hady HM, Morsy TA.
Parasitic infections and haemoglobin level among school children of different socioeconomic classes in Abha, Saudi Arabia.Department of Parasitology, Faculty of Medicine, Ain Shams University, Cairo, Egypt.
J. Egypt Soc Parasitol. 20(1): 61-67, 1990.
12-Al-Eissa YA, Assuhaimi SA, Abdullah AM, AboBakr AM, al-Husain MA, al-Nasser MN, al Borno MK.
Prevalence of intestinal parasites in Saudi children: a community-based study.
J. Trop Pediatr. 41(1): 47-49, 1995.
13-Almerie M.Q, Azzouz M.S, Abdelssamad M.A, Mouchli M.A, Sakbani M.W, Alsibai M.S, Alkafri Abeer, Ismail M.Taher
Prevalence and risk factors for giardiasis among primary school children in Damascus, Syria.
Saudi Med J. 29 (2):234-240, 2008.
14-Al-Momani T; Jaber M.B; Abdallat H. and Abbadi M.
Frequency of Intestinal Parasite at Princess Aysha medical complex, Marka, Jordan.
JRSM June; 13(1): 70-73, 2006.
15-Al-Saeed A.T. and Issa S.H.
Frequency of Giardia lamblia among children in Dohuk, northern Iraq.
Mediterranean Health Journal. 12: 5, 2006
16-Araj GF; Abdul-Baki NY; Hamze MM; Alami SY; Nassif RE. and Naboulsi MS.
Prevalence and etiology of intestinal parasites in Lebanon.
J. Med. Liban; 44(3):129-133, 1996.
17-Brumpt E.
Colite a Tetramitus Mesnili. Blastocystis hominis, n.sp. Et formes voisines.
Soc. De path. Exot; 5 , 728. 1912.
18-El-Shazly AM.
Blastocystis hominis among
symptomatic and asymptomatic individuals in Talkha Center, Dakahlia Governorate, Egypt.
J Egypt Soc Parasitol; 35(2): 653-66. 2005.
19-Ertug S; Karakas S; Okyay P. and Ergin F.
The effect of Blastocystis hominis on the growth status of children.
Med Sci Monit; 13: CR40-3, 2007.
20-Fadel A Sharif.
Prevalence and Seasonal Fluctuations of Common Intestinal Parasites in Khan Younes (1996-2000).
Journal of Islamic University of Gaza, 10, 2.
21-Gulnaz Culha and Cahit Ozer.
The Distribution of Intestinal Parasites among Turkish Children Living in a Rural Area.
Middle East Journal of Family Medicine. 6, 7, 2008.
22-Hamze M; Dabboussi F; Al-Ali K. et Ourabi L.
Prévalence des parasites intestinaux au nord du Liban: 1997-2001.
Eastern Mediterranean Health Journal; 10, 3, 343-348, 2004.
23-Mabrook AM. and Yahia AR.
Frequency of Intestinal Parasites In Children Presenting with Diarrhea AND/OR Abdominal pain to SAM Hospital, SANA'A, Republic of YEMEN.
JABMS; 8 (3): 226-229E, 2006.
24-Markell E. and Voge's M.
Medical Parasitology. Ninth edition, copyright©2006, Elsevier Inc. 460 page.
25-Nadham K. Mahdi and Naeel H. Ali.
Cryptosporidiosis and other intestinal parasitic infections in patients with chronic diarrhea.
Saudi Medical Journal; 25 (9): 1204-1207, 2004.
26-Sayyari AA; Imanzadeh F; Bagheri Yazdi SA; Karami H. and Yaghoobi M.
Prevalence of intestinal parasitic infections in the Islamic Republic of Iran.
East Mediterr Health J; 11(3): 377-383. 2005.
|
|
|
المجلد 5 ,
العدد 10
, المحرم 1432 - كانون ثاني (يناير) 2011 |
|
|
|