بحث في أعداد المجلة
الجملة  
المؤلف   
 

المجلد 5 , العدد 5 , شوال 1430 - تشرين أول (أكتوبر) 2009
 
دراسة وبائية وسريرية لداء الليشمانيات الجلدي في دمشق
Epidemiological and Clinical Study of Cutaneous Leishmaniasis in Damascus
أمال عساف
Amal Assaf
كلية الطب، جامعة دمشق
Faculty of medicine, Damascus university
الملخص Abstract
جرى في هذه الدراسة تقييم 495 حالة داء ليشمانية جلدية راجعت مستشفى الجلدية الجامعي، والعيادات الشاملة في مدينة دمشق منذ بداية شهر شباط 2008 حتى نهاية شهر شباط 2009. معظم هذه الإصابات من مدينة دمشق وريفها، ولدى إجراء الفحص المجهري المباشر كشفت الليشمانية عديمة السوط في 312 حالة وازداد عدد الحالات الإيجابية إلى 403 حالة لدى إجراء الزرع على الوسط ثنائي الطور N.N.N.، مما يؤكد ضرورة إجراء كلا الاختبارين لحسم سلبية التشخيص أو إيجابيته. في هذه الدراسة، كان الداء أكثر تواتراً لدى الذكور (%60.2)، وفي الفئة العمرية بين 16-25 عاماً. توضعت معظم الآفات الجلدية (1287 آفة) على المناطق المكشوفة من الجسم وعلى الساعدين بصورة خاصة، كانت المظاهر السريرية للآفة حطاطية، عقدية، عقدية متقرحة، وبعض الآفات كانت ذئبية الشكل أو ثؤلولية. 
In this study the total of 495 cases of cutaneous leishmaniasis were evaluated from Dermatology hospital and General clinic in Damascus from February 2008 to February 2009. Most of these cases was reported in Damascus and its suburb, and when we made the direct microscopic test, amastigotes were detected in 312 cases, and the positive cases were increased to 403 cases by realizing the parasite culture into diphasic N.N.N. media, which confirm the necessity to use the two tests for diagnosis. In this study the disease was more frequent in males (60.2%), and in the age group 16-25 years. Most lesions (1287) located on exposed body sites especially arms. The clinical features were papular, nodular, noduloulcerative and some lesions were lupoid or warty. 
المقدمة Introduction  
يعرف داء الليشمانيات الجلدي في سورية باسم حبة حلب أو حبة السَّنَة. وقد كانت الإصابات حتى عام 1960 محصورة في مدينة حلب وضواحيها، وأماكن متفرقة من وادي الفرات. حدثت بعد ذلك العام عدة جائحات محلية شملت أغلب محافظات القطر العربي السوري، وتوطنت في الضمير )ريف دمشق(، حيث سجلت زيادة في عدد الإصابات الجلدية من 40 حالة في عام 1987 إلى 2071 حالة عام 1989 (1)، وفي عشر السنوات الأخيرة حدثت زيادة ملحوظة في عدد الإصابات بداء الليشمانيات الجلدي وبعض الإصابات بداء الليشمانيات الحشوي، شملت معظم محافظات سورية ومناطق لم تتعرض سابقاً للإصابة، وحسب إحصائيات وزارة الصحة السورية فقد بلغ عدد الإصابات المسجلة بداء الليشمانيات الجلدي 28881، 26878، 21951 وذلك في الأعوام 2003، 2004، 2005 على الترتيب (2).
يسبب داء الليشمانيات طفيلي وحيد خلية يتكاثر داخل الخلايا وحيدة النواة عند الثوي الثدي، حيث يكون عديم السوط بيضوياً أو دائري الشكل يعرف باسم amastigote، بينما يتخذ الطفيلي شكلاً آخر عند وجوده في معي الحشرة الناقلة، الفاصدة Phlebotomus، وهي أنثى ذباب الرمل حيث يتطاول الطفيلي ليأخذ شكلاً مغزلياً مزوداً بسوط أمامي يدعى promastigote كما نجده في أوساط الزرع الصنعية.
يسبب داء الليشمانيات في سورية الأنواع الطفيلية التالية:
* طفيليات الليشمانة المدارية Leishmania tropica التي تسبب داء الليشمانيات الجلدي الجاف ولقد عُزل هذا الطفيلي من مصابين في مدينة حلب (3، 4).
* طفيليات الليشمانة الرئيسة Leishmania major المسببة لداء الليشمانيات الجلدي الرطب، والتي تم عزلها من مصابين ومن الخازن اليربوع Psammomys obesus من ريف دمشق: الرحيبة والضمير (1، 3، 4).
* طفيليات الليشمانة الطفلية Leishmania infantum التي تسبب داء الليشمانيات الحشوي عند الأطفال عُزلت هذه الطفيليات من كلب مصاب في المنطقة الساحلية (5).  
هدف الدراسة Aim of the study 
هدفت هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على واقع داء الليشمانيات الجلدي في مدينة دمشق وريفها، وتشخيص الإصابات بطرق دقيقة للإسراع بمعالجتها. وكذلك لإعطاء فكرة وبائية عن توزع المرضى المصابين بداء الليشمانيات الجلدي والمراجعين لمستشفى الجلدية الجامعي والعيادات الشاملة في مدينة دمشق ومدى انتشار هذا الداء.  
المواد والطرق Materials and methods 
جرت دراسة 495 حالة راجعت مستشفى الأمراض الجلدية والزهرية بجامعة دمشق، والعيادات الشاملة في مدينة دمشق وذلك منذ بداية شباط 2008 حتى بداية آذار 2009 وقد جرى الحصول على المعلومات الشخصية لكل حالة وهي تتضمن: عمر المصاب، مكان عمله، مكان إقامته، الأماكن التي زارها المصاب، نمط الإصابة، موضعها، عمرها، قطرها، عددها، كثافة حشرة ذباب الرمل (العامل الناقل) داخل المنزل وخارجه.
أجري الفحص للحالات المدروسة جميعها وذلك بإجراء لطاخة من حافة الإصابة وتلوينها بغيمزا وفحصها بالمجهر، باستخدام العدسة الغاطسة بالتكبير×100، وذلك لتحري العناصر الطفيلية عديمة السوط. تم عزل العينات الطفيلية وزرعها من الحالات المدروسة جميعها إيجابية الفحص المجهري المباشر وسلبيته. حيث أخذت رشافة من حافة الإصابة بماصة زجاجية معقمة وزرعت على الوسط N.N.N. ثنائي الطور المؤلف من آغار مملح، دم أرنب منزوع الفيبرين ومضادات حيوية. وجرت مراقبة المزارع يومياً للبحث عن العناصر الطفيلية أمامية السوط.  
النتائج Results  
لدى متابعـة معظـم الحالات التي وردت إلى مستشفى الأمراض الجلدية والزهرية وإلى العيادات الشاملة في مدينة دمشق، درسنا 495 حالة خلال عام، وقد قسمت هذه الحالات حسب الجنس، والتي بلغت 298 حالة من الذكور (أي بنسبة 60.2%) و 197 حالة من الإناث (أي بنسبة 39.8%) (الشكل 1).
كما جرى توزيع الحالات حسب الفئات العمرية، فلوحظ أن أعلى نسبة للمصابين بداء الليشمانيات الجلدي هي الفئة العمرية من 16-25 عاماً، حيث وصلت النسبة إلى 27.7% تلتها الفئة العمرية من 26-35 بنسبة 22%. وبالتالي شكلت الفئة العمرية من 16-35 عاماً حوالي نصف الإصابات (الشكل 2).
هذا وقد كان العدد الكلي للاندفاعات في الحالات المدروسة جميعها 1287 إندفاعاً. وقد تراوح قطر الاندفاع من 2 مم إلى7 سم. كما تراوح عمر هذه الآفات من 15 يوماً إلى 5 سـنوات، وكانت هذه الآفـات موجودة علـى الأماكن المكشـوفة من الجسم والتي تعرضت غالباً للدغ الحشرة الفاصدة Phlebotomus. حيث أن أكثرها عدداً كان على الأطراف العلوية 570 آفة أي بنسبة 44.28% في حين كان عدد الآفات على الوجه وملحقاته 372 آفة (أي بنسبة 28.9%)، أما نسبة جود الآفات على الأطراف السفلية فكان 278 آفة (21.6%)، في حين توزعت باقي الآفات على الجذع والمناطق الأخرى من جسم المصاب (الشكل 3).  

الشكل 1: النسب المئوية للحالات المدروسة حسب الجنس.



الشكل 2: النسب المئوية للحالات المدروسة حسب الفئات العمرية.




الشكل 3 : النسب المئوية لتوزع الآفات على المناطق المختلفة من الجسم.



الشكل 4: النسب المئوية لإيجابية الفحص المباشر والزرع على الوسط الصنعيN.N.N. .

وقد تراوح الشـكل السـريري للآفة ما بيـن الحطاطي، العقدي، العقدي المتقرح وفي بعض الحالات ذئبي أو ثؤلولي. ولدى إجراء اختبار الفحص المجهري المباشر لجميع الحالات المدروسة شوهدت العناصر الطفيلية عديمة السوط لدى 312 حالة أي بنسبة 63.03% (الجدول 1). ولدى إجراء الزرع لجميع الحالات إيجابية الفحص المجهري المباشر وسلبيته زاد عدد الحالات الإيجابية من 312 حالة إلى 403 فأصبحت النسبة 81.41% (الشكل 4)، كما لاحظنا أنه كلما تقدم عمر الآفة انخفضت إيجابية كلا الاختبارين بينما وجدنا 92 عينة سلبية في كلٍ من الفحص المجهري المباشر والزرع.
ولدى استجواب المصابين عن أماكن إقامتهم والأماكن التي تمت زيارتها قبل ظهور الآفـة بشهر إلى ستة أشهر، تبين لنا أن معظم المصابين والذين بلغ عددهم 398 مصاباً (أي بنسبة %80.4) يقيمون في مدينة دمشق (مزة 86، السـومرية، دمر، قاسيون، برزة البلـد، عش الورور، ركن الدين). وريف دمشق )قدسيا، الهامة، الديماس، القطيفة، الصبورة، حرستا، خان الشيح، عين الخضراء، وادي بردى( ويبدو أن معظم هؤلاء المصابين قد زار مدينة حلب، اللاذقية، القرداحة، مصياف، حماه وبعضهم الآخر لم يقم بأي تحركات خلال الأشهر الستة التي سبقت الإصابة، بينما توزعت باقي الحالات المدروسة على محافظات درعا والسويداء والقنيطرة وحمص والحسكة ودير الزور وهنالك حالتين من العراق.  

الجدول 1: النسب المئوية لإيجابية الفحص المباشر والزرع على الوسط الصنعي N.N.N. .

الفحص المباشر

الزرع على وسط N.N.N.

عدد العينات

النسبة المئوية

ايجابي

ايجابي

306

61. 81%

سلبي

ايجابي

91

18. 38%

ايجابي

سلبي

6

1. 21%

سلبي

سلبي

92

18. 58%

المناقشة Discussion  
أجريت أول دراسة ميدانية في سورية في مدينة حلب عام 1963 عندما انتشر المرض شمال حلب بين السكان الوافدين حديثاً إلى منطقة بستان الباشا (6). ثم حدثت بعد ذلك عدة جائحات محلية شملت أغلب محافظات القطر حيث ظهرت إصابات في مدينة دمشق وريفها التي لم تكن معروفة سابقاً بالإصابة، فقد ارتفع عدد الإصابات فيها من 803 حالـة
عام 2001 إلى 1916 سنة 2005 (2).
ويذكر أن سورية ليست هي البلد الوحيد الذي يستوطن فيه هذا الداء الجلدي فقد وصل انتشاره إلى ثمان وثمانين بلداً من بينها اثنتان وسبعون بلداً نامياً (7، 8). وتشير هذه المعلومات إلى أن هناك زيادة عامة في عدد الإصابات بداء الليشمانيات الجلدي ففي السنوات الأخيرة تم تسجيل حالات جديدة في مناطق وبلدان لم تكن معروفة سابقاً بالإصابة (لم تكن موبوءة) فخلال الحرب العراقية – الإيرانية أصبح الداء شديد الانتشار في بعض مناطق إيران، حيث أصيب قرابة 90% من المواطنين تحت سن 20 سنة (9). يعزى سبب الزيادة في عدد الإصابات وظهورها في المناطق الجديدة إلى الهجرة السكانية والتوسع العمراني والزراعي وإلى التبدلات البيئية التي تؤمن نشاطاً جيداً للحشرة الناقلة والتي توجد بكثرة في جميع أنحاء سورية، وقد تم تصنيف هذه الحشرات بتسعة أنواع أكثرها وجوداً P. papatasi, P. sergenti المتهمة بنقل الطفيليات المسببة لداء الليشمانياتت الجلدي في سورية (10).
إن الفحص المجهري المباشر هو طريقة تقليدية لتشخيص الإصابة بداء الليشمانيات الجلدي ولا بد من تأكيد الفحص السلبي بالزراعة فقد لوحظ أن تطبيق طريقتي الفحص والزرع معاً يزيد من مصداقية تشخيص الإصابة بداء الليشمانيات الجلدي (11، 12). ويعزى ارتفاع عدد المصابين من الذكور عن الإناث إلى أنهم يستخدمون فناء المنازل للنوم صيفاً، بينما ينام النساء والأطفال داخل الغرف، بالإضافة إلى خروجهم للعمل خارج المنزل (13) كما أظهرت هذه الدراسة أن نسبة الإصابة بداء الليشمانيات الجلدي مرتفعة عند الفئة العمرية 16-35، فوصلت لحوالي نصف الإصابات. ويعود السبب إلى كثرة سفرهم وتنقلاتهم بالإضافة إلى خروجهم للعمل أو أداء الخدمة العسكرية (14)، وقد كانت أعلى نسبة للآفات موزعة على الأماكن المكشوفة خاصة الأطراف العلوية والتي تعرضت للدغ في أثناء نشاط الحشرة، ونجد مثل هذه النتائج في الكثير من الدراسات الوبائية (11، 13، 14). يمكن لهذه الآفات أن تشفى تلقائياً خلال 6-12 شهراً، إذا لم تعالج، لكن هؤلاء الأشخاص يؤدون دور الخازن، كما يؤدي السلوك الإنساني دوراً مهماً في التأثير على سلوك ذباب الرمل إذ تجنح إلى أخذ وجبات الدم من وقت الغروب إلى الشروق ومن الأماكن المكشوفة من الجسم، كما يؤدي تبدل البيئة وسفر المصابين دون متابعة العلاج مع توفر العامل الناقل إلى حدوث مناطق جديدة لاستيطان هذا الداء.  

المقترحات والتوصيات
1- إن الفحص المجهري المباشر هو طريقة تقليدية لتشخيص الإصابة بداء الليشمانيات الجلدي ولا بد من تأكيد الفحص السلبي بالزراعة مما يزيد من مصداقية التشخيص.
2- يجب إجراء الدراسات المسحية والوبائية الدورية ومراقبة مدى تطبيق إجراءات الوقاية والمكافحة للحد من انتشاره.
3- من واجب السلطات الصحية المختصة أن تقوم بحملات التوعية الصحية وتثقيف المواطنين حول هذا المرض ومسبباته وطرق العدوى به وظروف انتقاله وكيفية الوقاية منه، من أجل الحد من انتشاره والقضاء عليه.
4- الاهتمام بشكل جدي في معالجة داء الليشمانيات الجلدي وبشكل فعال ومناسب للحد قدر الإمكان من التشوهات التي قد تنجم عن هذا الداء.  
المراجع References 
1-Khiami A; Dereure J; Pratlong F; Martini A. and Rioux J.
La leishmaniose cutanee humaine a Leishmania major mon-26 Aux environs de Damas (Syria).
Bull. Soc. Path. Ex; (84): 1-5, 1991.

2-Annual report of Syrian health ministry, 2006.

3-Knio K.N; Baydoun E; Taw R.R. and Nuwayri-Salti N.
Isoenzyme characterization of Leishmania isolates from Lebanon and Syria.
Am. J. Trop. Med. Hyg. 63(1-2): 4, 2000.

4-Rioux J.A; Ashford R.W. and Khiam I.A.
Ecoepidemiology of leishmaniasis in Syria. 3. Leishmania major infection in Psammomys obesus provides clues to life history of rodent and possible control measures.

5-Dereure J; Rioux J.A; Khiami A; Pratlong F; Perieres J. and Martini A.
Ecoepidemiologie des leishmaniosis en Syrie . 2-presence, chez le chien, de leishmania infantum.
Ann. parasitol. Hum. comp. 66 (6): 252-255,1991.

6-Tayeh A; Jalouk L. and Cairncross S.
Twenty years of cutaneous leishmaniasis in Aleppo. Syria.
Trans . Roy. Soc. Trop. Med. Hyg. 91 (61) : 657-659,1997.

7-Desjeux Ph. and Landrivaon G.
Leishmaniosis dans la Penisule Arabique.
Nouvelles Scientifique du France et du Proch-Orient, 65, 1996.

8-W.H.O. Leishmaniasis:
background information. Retrieved
on 2007-07-04.

9-Desjeux P.
Leishmaniasis public health aspects and control.
Clin. Dermatol. (14): 417-423, 1996.

10-Ismail M.T; & Pesson.
Contribution to investigation of phlebotomine sandflies in Syria.
Bull. Soc. Path. Ex, (85): 317-321, 1992.

11-Ataya A. and Sarji N.
A comparative study of methods used for diagnosis of leishmaniasis in Syria.
J. of the Arab board of medical specialization. 3 (4): 108, 2001.

12-Rowland M; Arif M; Durrani N; Noyes H. and Reyburn H.
An outbreak of cutaneous leishmaniasis in Afghan refugee settlement in north west Pakistan.
Trans. Roy. Soc. Trop. Med. Hyg. (93): 133-136, 1991.

13-Uzun S; Uslular C; Yucel A; Acar M.A; Ozpoyraz M. and Memisoglu H.R.
Cutaneous leishmaniasis evaluation of 3074cases in Cukurova region of Turkey.
British Journal of Dermatology, 140: 347-350,1999.

14-Mujtaba G.
Cutaneous leishmaniasis in Multan.
Pakistan. Int. J. Dermatol, 37 (11): 843-848,1998.
Ann. Parasitol. Hum. comp. 67 (6): 163-168, 1992.
 
 
المجلد 5 , العدد 5 , شوال 1430 - تشرين أول (أكتوبر) 2009

 
 
SCLA