بحث في أعداد المجلة
الجملة  
المؤلف   
 

المجلد 5 , العدد 5 , شوال 1430 - تشرين أول (أكتوبر) 2009
 
ثباتية قيم السكر في عينات الدم، لماذا تمثل مشكلة؟
Stabilization of Glucose in Blood Samples, Why It Matters?
David E. Bruns and William C. Knowler
Clinical Chemistry, 55: 5, 2009.
مقال مترجم: إعداد د. جالا العتمة
في العدد المذكور أعلاه من مجلة الكيمياء السريرية Clinical Chemistry وصف غامبينو Gambino وزملاؤه حاوياتٍ لقطف عينات الدم قادرة على تثبيت قيم السكر في عينات الدم بشكل مدروس.
تأتي أهمية هذه الدراسة بسبب زيادة الآليات المرضية المرتبطة بالسكري في الوقت الراهن واعتماد تراكيز أخفض لسكر الدم من تلك المعتمدة سابقاً لتشخيص السكري. يستخدم عيار السكر عالمياً لتشخيص الداء السكري ومعرفة من هم في دائرة اختطار risk تطور الداء السكري مستقبلا؛ ولتشخيص كلتا الحالتين (حالة السكري وما قبل السكري). تم وضع قيم حدية لتركيز السكر في البلازما لتصنيف المرضى، ومن ثم اتخاذ التدابير اللازمة ؛ لذا فإن كل الخطوات في سياق تحليل السكر تحتاج إلى حرص شديد.  
مصادر الخطأ في قياس سكر البلازما 
استطاع الكيميائيون السريريون في مختبرات المستشفيات وفي الشـركات المتخصصة أن يخطوا خطوات كبيرة في تطوير مقايسات السكر باستخدام الطرق الإنزيمية وغيرها من الطرق المستخدمة في أجهزة التحليل الآلي الكبيرة والمعقدة.
تعاير المختبرات السريرية الرئيسة سكر الدم بشكل اعتيادي؛ وبمعامل اختلاف (Cv) لا يتجاوز 2 – 1% (الأجهزة المنزلية ليست بهذه الدقة وهي غير معتمدة لتشخيص السكر)، وبالمقابل تبقى مشكلة ما قبل زمن التحليل دون حل!
جرت دراسة استهلاك السكر في عينات الدم لسنوات عديدة، حيث ينقص السكر نتيجة تحلله في عينات الدم بنسبة 5 - 7% في الساعة وذلك ضمن التراكيز السوية. وبعبارة أوضح فان السكر ينقص بما يعادل 12 ملغ/ دل لعينة دم تركيز السكر فيها 100 ملغ/ دل بعد ساعتين بحرارة الغرفة، تزداد نسبة التناقص كلما زادت حرارة الجو المحيط بالعينة وكلما زاد عدد الكريات البيض في العينة.
في عام 1923 عُرف فلوريد البوتاسيوم كمثبط محتمل لتحلل السكر، وكذلك جرى استخدام فلوريد الصوديوم Na F لعقود كمانع لتحلل السكر في عينات الدم إلى أن لوحظ أنه ليس لفلوريد الصوديوم أي تأثير (أو أن تأثيره بسيط) على نسبة تحلل السكر خلال الساعات الاولى لجمعه؛ مما عكس حقيقة أن إنزيمات تحلل السكر الأساسية المستهدفة من الفلوريد (Enolase) تتوضع بعيداً في سبيل تحلل السكر. وعليه فإنه حتى بوجود الفلوريد فإن السكر سوف يتفسفر بالـ ATP المتوفر؛ ومركب الغلوكوز-6 فسفات المتشكل سوف يُستقلب حتى يتم التوازن في التفاعلات التي تسبق الأنْيَلة (Enolase) في سبيل تحلل السكر.
تعد خسارة السكر في عينات الدم قبل التحليل والتي تحدث خلال الساعتين الأوليتين من جمع الدم المصدر الأكبر للخطأ (أكبر من أخطاء التحليل نفسها). وعلى الرغم من بقاء الاختلاف بين الطرق المستخدمة لتحليل السكر فإن معامل الاختلاف CVs لا يتجاوز 2% للعينات المفحوصة بين المخابر ومعامل اختلاف كل الطرق المستخدمة لا تتجاوز 3%. في حين تتراوح خسارة السكر (مع الفلوريد أو دونه) من 5 – 10 أو أكثر بعد ساعة إلى ساعتين من جمع الدم.
لم يحظَ التعامل مع عينات الدم الخاصة بتحليل السكر في السنوات الأخيرة بالكثير من الدراسة؛ ربما يعكس ذلك الاعتقاد الخاطئ بان فلوريد الصوديوم قد حل مشكلة تحلل السكر
قبل تحليله. من المعروف ولسنوات عديدة أنه يمكن منع خسارة السكر بالعينات المخبرية بوضع أنابيب جمع الدم بالثلج و تنبيذ العينات بأسرع ما يمكن بمنبذة مبردة ثم فصل البلازما مباشرة. غير أن استخدام الثلج لا يعد حلاً عملياً في مراكز الصحة الحديثة.
وجد Gambino وزملاؤه أن تثبيت السكر باستخدام الثلج يمكن تحقيقه باستخدام نوع من أنابيب جمع الدم معروف ومرخص في الولايات المتحدة US منذ أكثر من عشرين عاماً ولكنه غير متداول في معظم المخابر، فاستخدام مثل هذه الأداة لجمع الدم يمكن أن يكون المنقذ ويغطي الحاجة الحالية بالحصول على قياسات دقيقة للسكر.  
تشخيص الداء السكري 
إن القيم الحدية لسكر البلازما بنيت على دراسات دقيقة جداً أنجزت عبر سنوات طويلة الدراسة يقوم على أساسها تشخيص الداء السكري. إن القيمة الحدية المقبولة حالياً وعلى نطاق واسع لتشخيص الداء السكري هي عندما يساوي أو يزيد سكر الدم الصيامي عن 126 ملغ/ دل (لمرتين أو أكثر) عوضاً عن القيم الحدية الأعلى من ذلك والتي جرى اعتمادها في الماضي لتشخيص السكري. وعندما يتجاوز تركيز السكر هذه القيمة الحدية الجديدة
لابد أن نتوقع تطور الاختلاطات كاعتلال الشبكية السكري مثلاً.
كذلك الأمر بالنسبة للسكري الحملي: فإن دراسة حديثة لفرط سكر الدم وتأثيراته السلبية على محاصيل الحمل HAPO (Hyperglycemia and Adverse Pregnancy Outcome) بينت أن اختطار اختلاطات السكري الحملي على كل من الأم والجنين مرتبط بتركيز السكر. وكما هو الحال في الدراسات التي أدت إلى خفض الأرقام الحدية المعتمدة لتشخيص الداء السكري كذلك الأمر بينت دراسة HAPO أن التأثيرات السلبية بدأت تظهر بتراكيز من السكر أخفض من التراكيز المعتمدة لتشخيص السكري الحملي في الماضي وأدى ذلك إلى إعادة تقييم المعايير التشخيصية للسكري الحملي.
وبالتالي لتشخيص الداء السكري أو السكري الحملي تزداد الحاجة الملحة للمعايرات الدقيقة لان القرار يبنى حالياً على تراكيز منخفضة من السكر، والتي توجد في أعداد كبيرة من البشر حول العالم وبالتالي فإن الأخطاء البسيطة ستؤدي إلى تصنيف خاطئ للعديد من المرضى.
ونظرا للخسارة الكبيرة للسكر في عينات الدم ولوجود قيم حدية ثابتة لتشخيص الداء السكري فإنه من المهم أن نأخذ بعين الاعتبار مدى التوافق بين طريقة التعامل مع العينات في الممارسة اليومية وبين تلك الطرق المستخدمة في الدراسات التي وضعت القيم الحدية لتشخيص السكر. ان وجود الاختلاف بين الأسلوبين يعني أن الكثير من المرضى (خارج نطاق الدراسات) سوف يصنفون بشكل خاطئ بأحد الاتجاهين.
نكرر: كما هو الحال مع أخطاء المعايرة فان أعداد الذين يصنفون بشكل خاطئ على أنهم مرضى نتيجة أخطاء ما قبل المعايرة يزداد باضطراد الآن؛ لأن القيم الحدية أصبحت تعتمد تراكيز منخفضة من السكر وهي موجودة في نسبة كبيرة من البشر.
تحتاج القيم الحدية الحالية لإعادة تقييم وذلك إذا ما حصل تبدل واسع في طريقة التعامل مع العينات كاستخدام التبريد المباشر لأنابيب الدم، أو استخدام الأنبوب الذي وصفه Gambino وزملاؤه. إن مثل هذا التحول سوف يستدعي اعتماد قيم حدية أعلى للسكر المعاير من تلك القيم الموجودة حالياً والقائمة على الطرق التي لاتمنع التحلل المباشر للسكر.
في دراسة HAPO للنساء الحوامل وضعت عينات الدم لقياس السكر مباشرة في الثلج مما منع استقلاب السكر بشكل كامل.
لكي نحصل على تراكيز سكر قابلة للمقارنة مع تلك التي في دراسة HAPO ولتقدير درجة الاختطار على محاصيل الحمل من بيانات HAPO تحتاج المختبرات السريرية إلى:

1- التعامل مع العينات بأسرع ما يمكن؛
2- استخدام التبريد بالثلج؛
3- استخدام مثبت السكر الذي يمنع تحلل السكر مباشرة.
إن القيام بذلك سيولد نتائج أعلى من تلك القيم الحدية المناسبة لتشخيص السكري في البالغين غير الحوامل.  
فوائد استخدام العينات ذات السكر الثابت 
إن عدم ثبات السكر في الدم مع أو دون فلوريد الصوديوم لا ينجم عنه خطأ في تصنيف المرضى فحسب بل يؤدي أيضا إلى تشويش البيانات الوبائية. والقيام بتثبيت السكر يؤدي إلى تجنب هذا التشويش.
مع كل أشكال التنوع والاختلاف بين المخابر يبقى اختلاف الوقت بين جمع الدم وتحليله هو الاختلاف الأهم لأنه سيؤدي إلى اختلاف في النتائج لا يمكن تجنبه مهما بلغت دقة ضبط ومعايرة الأجهزة. في حين نستطيع بتثبيت السكر في العينات أن نزيل هذه الاختلافات.
إن التعامل مع العينة خلال اختبار تحمل السكر
يمكن أن يؤثر وبشكل متباين على السكر الصيامي والسكر بعد ساعتين نتيجة الاختلاف في الوقت قبل التحليل، وعليه فإنه من الممكن أن يكون هناك مبالغة في الفروق بين البشر سواء فيما يتعلق بتركيز السكر الصيامي أو السكر بعد إعطاء السكر وارتباطهم بالتظاهرات الأخرى للسكري.
لذلك نجد أن المدى المرجعي لقيم سكر الدم واسع جداً وذلك لأنه يعكس الاختلاف في نسبة السكر بين البشر أنفسهم والاختلاف في نسبة تحلل السكر في العينات قبل تحليلها.
أخيراً نقول: أنه يجب أن نضع بعين الاعتبار التبدل في طريقة التعامل مع عينات الدم قبل المعايرة.
إن التبني العالمي لطرق تمنع تحلل السكر في العينات سيزيد من دقة المعايرات ودرجة الانتفاع بها، لكنه من المحتمل أن يزيد من تشخيص السكري لدرجة كبيرة ما لم يتم تعديل القيم الحدية بشكل متزامن معها.  
 
المجلد 5 , العدد 5 , شوال 1430 - تشرين أول (أكتوبر) 2009

 
 
SCLA