المناقشة |
لمحة عامة عن نقص البروتين الشحمي بيتا (HBL) HYPOBETALIPOPROTEINEMIA
يعرف نقص البروتين الشحمي بيتا (HBL) مخبرياً بانخفاض تركيز الكوليستيرول الكلي (TC)، وLDL-C أو انخفاض تركيز apo B لأقل من الخمس، وله شكلان بدئي وثانوي.
يتضمن نقص البروتين الشحمي بيتا (HBL) البدئي مجموعة من الاضطرابات الوراثية هي:
• غياب البروتين الشحمي بيتا abetalipoproteinemia (ABL)
• مرض احتباس الدقائق الكيلوسية chylomicron retention disease (CMRD)
• ونقص البروتين الشحمي بيتا العائلي familial HBL (FHBL)
غياب البروتين الشحمي بيتا (ABL)، واحتباس الدقائق الكيلوسية (CMRD) هما اضطرابان صاغران نادران ينجمان عن طفرات في الجين MTTP:(البروتين الصبغي الناقل للشحوم microsomal triglyceride transfer protein) وفي الجين SAR1B [SAR1 homolog B (S. cerevisiae)] على الترتيب.
يشخص غياب البروتين الشحمي بيتا (ABL) عادة في وقت مبكر من الحياة بوجود التغوط الشحمي، عدم تحمل تناول الشحوم، تشوك الخلايا acanthocytosis، التهاب الشبكية الصباغي، واضطرابات عصبية. ويتميز مخبرياً بوجود نقص شديد في تركيز الكوليستيرول الكلي (TC )، و VLDL، وLDL في البلازما وغياب كامل في apo B.
أما مرض احتباس الدقائق الكيلوسية CMRD فيتميز بغياب apo B-48 في البلازما. ويعرف سريرياً بوجود التغوط الدهني، سوء التغذية، وتأخر النمو. وبسبب استمرار تصنيع apo B الكبدي فان LDLs يكون متواجد في البلازما.
نقص البروتين الشحمي بيتا العائلي FHBL هو اضطراب وراثي سائد تترواح نسبة حدوث شكله المتغاير الزيجوت من 1/500 الى 1/1000.
والشكل المتغاير الزيجوت غالباً ما يكون لاعرضيا ولكن يمكن ان نشاهد تشحم كبد لا كحولي وزيادة خفيفة في إنزيمات الكبد.
أما الشكل المتماثل الزيجوت فيمكن أن نشاهد فيه سوء امتصاص شديد للشحوم، وتبدلات سريرية وحيوية خطيرة كتلك المشاهدة في في غياب البروتين الشحمي بيتا ABL. وحوالي 50% من حالات نقص البروتين الشحمي بيتا العائلي FHBL هم حملة لطفرات مرضية في جين APOB ]تميم البروتين الشحمي بيتا apolipoprotein B (تتضمن الجين Ag(x) antigen)[.
وهذا ما أثار الانتباه لدى مريضنا ان تركيز apo B في البلازما كانت أقل من المتوقع لنقص جين واحد فقط.
معظم طفرات تميم البروتين الشحمي بيتا APOBتتسبب في تكوين اشكال قصيرة من apo B ذات قدرة منخفضة على تصدير الشحوم من الخلايا الكبدية على شكل مركبات البروتينات الشحمية. أشكال apo B القصيرة التي يكون حجمها أقل من apo B-30 لا يمكن كشفها في البلازما لانها تتصفى بسرعة. الاشكال القابلة للكشف تشاهد في المرضى الذين لديهم نقص البروتين الشحمي بيتا HBL المعتدل حيث تحافظ جزيئات apo B الاطول على ما تبقى من القدرة الرابطة للشحوم لتشكيل جزيئات البروتينات الشحمية.
ان جزيئات apo B الاقصر من apo B-70.5 يتصفى معظمها من البلازما بواسطة الكلية، بينما الجزيئات ذات الحجم أكبر أو تساوي %70 مثل apo B-100 فتتم تصفيتها في الكبد.
أما نقص البروتين الشحمي بيتا (HBL) الثانوي فينجم عن عوامل غير جينية كالحمية النباتية الصارمة، سوء التغذية، بعض الادوية، أو يكون ملحقا ببعض الامراض.
ونظراً لان الكبد يلعب دوراً أساسياً في استقلاب معظم البروتينات الشحمية وتمائم البروتينات الشحمية في البلازما لذا يمكن ان تؤدي الحالات التي تتخرب فيها الخلية الكبدية كالالتهابات الكبدية الفيروسية B أو C، التشمع، سرطانة الخلية الكبدية، إلى التبدل في نموذج شحوم البلازما.
كما تؤدي الامراض الكبدية البارنشيمية المزمنة (كسرطانة الخلية الكبدية) الى ضعف تصنيع الكوليستيرول واستقلابه كذلك تؤدي زيادة استهلاكه من قبل الخلايا السرطانية الى نقص تركيزه في البلازما.
في المراحل المتقدمة من الاصابة بالايدز ينقص الكوليستيرول الكلي، HDL-C و LDL-C ويزداد تركيز ثلاثيات الغليسريد في البلازما. في فرط نشاط الغدة الدرقية ينقص كوليستيرول الدم بسبب زيادة افراغ الكوليستيرول وزيادة تقلب LDL. أما في مرضى الديال الدموي المزمن فيعتقد ان سوء التغذية والالتهاب هما المسؤولان عن نقص كوليستيرول الدم.
|
الاختبارات الاخرى في حالة نقص LDL-C و apo B |
عادة ما يرافق السكري من النمط الثاني ارتفاع البروتينات الشحمية الثانوي وزيادة تركيز VLDL-C وانخفاض تركيزHDL-C.
من المثير للانتباه بانه رغم وجود سكري من النمط الثاني لدى مريضنا إلا ان تركيز الشحوم في مصله كان منخفضاً جداً. وعندما سألنا المريض لاحقا تذكر أنه كان لديه في الماضي انخفاض في تركيز الكوليستيرول (ولم تتوفر التحاليل القديمة لديه). ولاستبعاد وجود أي تداخل في المعايرة أجرينا التحليل بطريقتين مختلفتين وبطواقم تجارية مختلفة، المخططات البيانية للمعايرات كانت كلها طبيعية وكلها توافقت مع المعايير الكيميائية الحيوية لتشخيص نقص البروتينات الشحمية HBL.
في التشخيص التفريقي جرى استبعاد كل الاسباب الثانوية لنقص البروتينات الشحمية. (المريض لم يكن نباتيا ولا يستخدم الادوية الخافضة للشحوم، كذلك لم يوجد لدى المريض أي أعراض أو علامات أو أي موجودات مخبرية لأي من الامراض التي يمكن ان ترتبط بنقص البروتينات الشحمية الثانوي). وشخص المريض كمصاب بنمط ظاهري لنقص البروتينات الشحمية HBLالبدئي.
ان غياب البروتين الشحمي بيتا ABL واحتباس الدقائق الكيلوسية CMRD ونقص البروتين الشحمي بيتا العائلي متماثل الزيجوت FHBL تتظاهر بنمط سريري حاد، ويكون ملحوظاً منذ الطفولة وفجر الشباب، ومريضنا لم يبد أي دلائل على سوء الامتصاص، أو التهاب الشبكية الصباغي، أو أي اضطرابات عصبية، وليس هناك أي دليل على وجود acanthocytes تشوك الخلايا. النمط الظاهري السريري الخفيف الشدة يوحي مباشرة بالتشخيص السريري لنقص لبروتين الشحمي بيتا العائلي المتغاير الزيجوت FHBL. وبمعرفة أن تاريخ المريض العائلي تضمن موت مفاجئ لابنه في سن مبكرة ونعلم ان حملة جين نقص البروتين الشحمي بيتا العائلي المتغاير الزيجوت FHBL ذو الاشكال القصيرة معرضون للاصابة بمرض الكبد الوخيم بوجود أي عوامل أخرى قد تؤذي الكبد. ولقد أكدنا تشخيصنا بالبيولوجيا الجزيئية بالتعرف على الطفرة في جين APOB، وقد بين تحليل سلاسل النكليوتيداتSequence analysis في جين APOB استبدال نيكليوتيد مفرد في الاكسون 26 (c.7692C>T) في الحالة متغايرة الزيجوت. هذا الاستبدال يقلب مرمز الارجنين في الموقع 2495 الى مرمز انهاء termination codon (p.R2495X)، مؤدياً بذلك الى تشكيل apo B القصير والحاوي على ثمالة 2494 حمض أميني (عوضاً عن 4536 ثمالة في السلسلة المكتملة للبروتين apo B). هذا الشكل القصير تمت تسميته apo B-55 ووصف آنفا في نقص البروتين الشحمي بيتا العائلي FHBL.
نقص البروتين الشحمي بيتا العائلي FHBL والسكري من النمط الثاني T2DM والمرض القلبي الوعائي:
من المعروف ان المرض القلبي الوعائي هو أخطر اختلاط يتعرض له المصابون بالسكري من النمط الثاني. والنتائج المستقبلية من دراسة Bruneck Study بينت ان السكري من النمط الثاني هو عامل خطر مستقل وقوي للتصلب العصيدي المتطور في الشريان السباتي، وقد جرت اضاقة قياس سماكة الطبقة الباطنية للسباتي كعلامة واسمة للمرض القلبي الوعائي في العديد من التجارب التي تستقصي مرضى السكري من النمط الثاني. على الرغم من ان مريضنا لديه العديد من عوامل الاختطار للمرض القلبي الوعائي الا أنه لم يبد أي مظهر لاي اختلاط قلبي وعائي. بلاضافة لذلك فان سمك بطانة السباتي كان طبيعيا (0.53–0.58 mm) وبدون أي تصلب عصيدي. هذه الموجودات بينت التأثير المحصن لنقص الكوليستيرول منخفض الكثافة LDL-C في نقص البروتين الشحمي بيتا العائلي FHBL وهذا متوافق مع دراسة Pulai et al. الذي لم يجد أي اختلاط في الاوعية الكبيرة في اثنين من حملة apo B-55 والمصابين بالسكري.
|
نقاط يجب أن نتذكرها |
- يعرف نقص البروتين الشحمي بيتا HBL بنقص الكوليستيرول الكلي و LDL-C أو بنقص تركيز apo B لأقل من الخمس. HBL البدئي يمكن ان ينجم عن طفرات في عدة مورثات، HBL الثانوي ينجم عن عدد من العوامل غير الوراثية كالحمية النباتية الصارمة، سوء التغذية، بعض الادوية، وحالات مرتبطة ببعض الامراض.
- نقص البروتين الشحمي بيتا العائلي FHBL هو اضطراب جسمي سائد ينجم عن طفرات في الجين المرمزة apo B يؤدي ذلك الى تشكل apo B قصير السلسلة.
- FHBL المتغاير الزيجوت هو غالباً لاعرضي ولكن قد يوجد تشحم كبد لاكحولي وزيادة بسيطة في تركيز خمائرالكبد.
ان وجود FHBL يمكن ان يقي من تطور التصلب العصيدي، يعود ذلك الى الاقلال من التعرض التأثير المعصد للبروتينات الشحمية الحاوية على apo B.
|
استقصاءات زيادة البروتين الكلي في المصل |
ان زيادة تركيز البروتين الكلي والغلوبولينات المناعية في المصل لدى المريض احتاجت الى تقييم اضافي. بين عيار الغلوبولينات المناعية زيادة شديدة في تركيز IgA نقص واضح في تركيز IgM أما عيار IgG فكان على الحدود الدنيا للمعايرة (الجدول 1). بين رحلان البروتينات ذروة (15.7 g/L) في المنطقة β. هذه الحزمة الوحيدة النسيلة تم التعرف عليها عبر الرحلان المناعي الكهربي كحزمة IgAκ. رحلان البروتينات والرحلان المناعي الكهربي للبول لم يظهر وجود أي بروتين وحيد النسيلة. الخلايا البلازمية في النقي كانت مرتفعة قليلا 5%-6%)) المجال الطبيعي 0.2%–2.2%)). المسح الشعاعي للهيكل العظمي لم يبين اي آفة حالة للعظم.
ولان المريض لم يظهر اي تظاهرات سريرية تنتمي الى اعتلال غما وحيد النسيلة مثل فرط كلس الدم، فقر الدم، الفشل الكلوي، أو أمراض العظم، فقد تم تشخيصه كاعتلال غما وحيد النسيلة غير محدد monoclonal gammopathy of undetermined significance (MGUS)..
MGUS هو اضطراب قبل سرطاني لاعرضي يجري تشخيصه بتحليل الدم الروتيني عادة في المرضى الذين تجاوزوا الخمسين من العمر. تشخص MGUS بوجود ارتفاع في تركيز بروتين وحيد النسيلة ≤3.0 g/dL (≤30 g/L) وبوجود أكثر من 10% من الخلايا البلازمية في النقي بدون وجود الورم النقوي العديد أو أي اضطراب ورمي آخر ذو صلة.
لذلك شخصنا للمريض FHBL و MGUSبشكل مستقل كل مرض عن الاخر في مريض سكري لاعرضي لديه انخفاض واضح في تركيز الكوليستيرول. وقد ارسل المريض الى قسم الغدد ومن ثم الى قسم الهضمية لمتابعة السكري وتشحم الكبد على الترتيب.
ومن ثم بدأ قسم أمراض الدم بمراقبة المريض لان المريض المصاب MGUS هو تحت اختطار التحول الى ورم نقوي عديد.
|
|