المجلد 7 ,
العدد 2
, ربيع الأول 1435 - كانون الثاني (يناير) 2014 |
خلال السّنوات الماضية تعلّمت الكثير عن الحاجة إلى التّواصل العلميّ ومتطلباته من خلال خبرتي الشّخصية في مجال اختصاصي ومن خلال تدريس الكتابة العلميّة في كليّة الصّيدلة - جامعة دمشق.
من الصّعب أن يتقبّل العلماء والباحثون فكرة أنّ نجاحهم المهنيّ يعتمد بالضّرورة على مهاراتهم وبراعتهم بتوصيل ونقل نتائج أبحاثهم، وممّا لا شك فيه أن التّبادل السّريع للمعلومات الصّحيحة ضرورةٌ ملحةٌ للتّطور العلميّ، كما أنّ للسّرعة الّتي يتمّ فيها إنجاز مخطوطةٍ علميّةٍ أهميةٌ زائدةٌ، سواء كان ذلك في المجال الأكاديميّ أو التّقنيّ.
تُقابل الجميع تحديات الكتابة عالية الجودة الخالية من المطبّات اللّغويّة، ولا تسمح لهم مشاغلهم بالتّركيز الدّقيق للبحث المطوّل عن الكلمة أو الجملة الصّحيحة.
يجب السّعي إلى تعلُّم كيفية توظيف مهارات الكتابة الموجودة لدى الباحث من أجل التّواصل العلميّ، وليس فقط للكتابة؛ ولكن الكتابة بشكلٍ جيّدٍ للتّأكّد من أنّ رسالة الباحث العلميّة تصل إلى جمهوره وهدفه المقصود.
إنّ أكبر التّحديات في الكتابة العلميّة هو إدراج معلوماتٍ غزيرةٍ ومعقدةٍ في نصوصٍ جيّدةٍ وواضحة التّراكيب، وهي مهارةٌ تتطلّب إضافةً إلى المعرفة في الحقل العلمي التدرُّب على الكتابة.
يجب أن ندرك بأنّ الكتابة العلميّة تختلف بشكلٍ جذريٍّ عن الكتابة الأدبيّة، حيث أنّ الكتابة الأدبيّة فنٌ يعتمد على الأصالة والنّمط والخيال الشّخصيّ، بينما تعتمد الكتابة العلميّة الجيدة على تواصلٍ وتوصيلٍ واضحٍ للحقائق العلميّة المبحوثة.
إنّ جمال الكتابة العلميّة والطّبيّة يأتي من قدرتها على التّعبير عن أكثر المفاهيم تعقيداً بكلماتٍ واضحةٍ، والإشارة إلى جماليّة العلم دون زخرفٍ مُشتتٍ للذّهن. وعلى الرّغم من أنّنا نتفق على أنّ جمال العلم هو في العلم نفسه وليس في اللغة المستخدمة لوصفه، لكن علينا أن نقبل بأنّ الرّواية المشوّشة للنّتائج تظلم العلم الّذي يكمن وراءها.
إنّ الهدف الرئيس من الكتابة العلميّة هو توثيق المعطيات للبرهنة على القيام بالبحث وتحاشي فقدان معلوماتٍ قيّمةٍ، لأنّ إهمال النّتائج سيؤدي إلى انعدام التّشاركيّة بالمعارف والأفكار مع الزّملاء لتلقي الرّأي الآخر من الخبراء، والاعتراف بالنّتائج والأفكار من طرفٍ مستقلٍ، وجلب اهتمام الآخرين إلى مجال البحث.
لا يستطيع أيّ مشروعٍ بحثيٍّ أن يسهم في المسيرة العلميّة إلاّ إذا نُشرت نتائجه، وحتّى يكون الباحث مساهماً في هذه المسيرة عليه كتابة الورقات العلميّة.
إنّ الكتابة العلميّة الجيّدة سبيلنا للتأكُّد من أنّ رسالتنا العلميّة تصل إلى هدفها المقصود، وتعتمد المهارات المطلوبة للكتابة العلميّة على العلم واللغة وتكامل المهارات من أجل منتوجٍ فعّالٍ.
هذا وإنّ التواصل النّاجح في مجال العلوم يعتمد على الوضوح والبساطة والجمل القصيرة والشّفافيّة والتّناسق والانسجام.
دمشق - كانون الثاني (يناير) 2014
|
الأستاذة الدكتورة
فوزة منعم
|
|
المجلد 7 ,
العدد 2
, ربيع الأول 1435 - كانون الثاني (يناير) 2014 |
|
|
|