المجلد 7 ,
العددان 7-8
, رمضان 1436 - تموز (يوليو) 2015 |
|
التشخيص الصحيح ركن أساسي لازم لوضع العلاج الصحيح. والمخبر وما يُقدم من فحوصات طبية مؤشر مهم ورئيسي في تشخيص الكثير من الأمراض وفي توجيه التفكير باتجاه ترجيح تشخيص على آخر. فدور المخبر أساسي أيضاً في التنبؤ بمجموعة لابأس بها من الأورام التي يكون الشفاء منها بنسب عالية كلما كان التشخيص فيها باكراً. وهنا لابد لنا من التوجه نحو الواصمات الورمية ودور المخبر في تحديدها وقياس مقاديرها، ففي بعض الأورام تلعب دوراً حاسماً في التوجه نحو التشخيص عند زيادة مقاديرها عن حد معين. وبالتالي سيكون القرار باتخاذ المزيد من الاستقصاءات والإجراءات التشخيصية والتي ستقود إلى معرفة الإصابة بشكل علمي دقيق وتتم الاستفادة من العلاج المناسب في الوقت المناسب. والأهم من ذلك معايرة مقادير هذه الواصمات لتقييم نجاح المعالجة، حيث انه يجب ان تعود هذه المقادير إلى وضعها الطبيعي عندما تكون المعالجة الجراحية ناجحة وشاملة. وفي حال عدم حصول ذلك علينا أن نعيد التقييم ونقوم بالإجراءات العلاجية المتممة، التي تضمن لنا ارتفاع نسبة الشفاء. وكذلك نستخدمها للمراقبة بحثاً عن أي نكس قد يحصل فيعود من خلاله المرض الخبيث مجدداً، حيث أن للمخبر دور في كشف الزيادات المتدرجة في مقادير هذه الواصمات، والتي تشير بشكل صريح إلى عودة جديدة للمرض، في مكانه أو في أي مكان من الجسم. ويكون ذلك قبل أشهر عديدة من اكتشاف النكس شعاعياً، من خلال الاستقصاءات النوعية التي تُطبّق لذلك، من MRI وتصوير طبقي محوري وحتى ومضان العظام وبالطبع سيكون ذلك قبل اكتشاف النكس سريرياً. وهذا سيجعلنا نتوجه إلى علاج مرادف متمم يعيد الأمور إلى نصابها في الوقت المناسب دون أن يفقد المريض فرصته في الشفاء مما ابتلي به.
كما أن مقادير الواصمات الورمية يمكنها أن تتنبأ أن مرحلة الإصابة أصبحت متقدمة جداً في حال ارتفاع المقادير بشكل كبير. وهذا يجعلنا نتجنب الإقدام على عمل جراحي واسع لا فائدة مرجوة منه، لعدم تمكننا من الاستئصال الكامل والجذري، كما يحدث في أورام البنكرياس المتقدمة والتي تترافق مع مقادير عالية من CA19-9. وهنا تكون الحكمة في اتخاذ القرار بالتوجه نحو المُعالَجَةُ الكِيمْيائِيَّة الرادفة قبل الجراحة، كي يتم إنقاص حجم الورم وإعادة الأورام غير القابلة للاستئصال لتصبح بأحجام أصغر، بحيث يمكن للجرّاح أن يتناولها بشكل دقيق ونوعي ويستطيع من خلالها تقديم الفائدة المرجوة للمريض.
بعد كل ما تقدم نؤكد ضرورة التكامل الطبي السريري والمخبري والشعاعي في سبيل وضع التشخيص الدقيق، من أجل اختيار المعالجة الأفضل. وكذلك نؤكد دور التشخيص المخبري في التنبؤ المستقبلي ببعض الإصابات التي يتم من خلال تحديدها وضع العلاج الوقائي المناسب لها، انطلاقاً من أن درهم وقاية خير من قنطار علاج.
يداً بيد وبتلازم السريريات مع المخبر والأشعة وبتحليل علمي دقيق من طبيب متمرس حكيم نستطيع أن نقدم الخدمات المثلى لكل المواطنين وبأقل تكاليف مادية ومعنوية، معتمدين على أطباء وأخصائيين مخبريين وطنيين التزموا بالوطن ومؤسساته الصحية رغم الظروف الصعبة التي يمر بها القطر منذ سنوات.
دمشق - تموز (يوليو) 2015
|
الأستاذ الدكتور محمد الأحمد
المدير العام لمستشفى الأسد الجامعي بدمشق
|
|
|
|
المجلد 7 ,
العددان 7-8
, رمضان 1436 - تموز (يوليو) 2015 |
|
|
|