بحث في أعداد المجلة
الجملة  
المؤلف   
 

المجلد 8 , العدد 5 , ربيع الآخر 1439 - كانون الثاني (يناير) 2018
 
اسـتهلاليـة
تقييم المخطوطات العلمية
التفاصيل والوضوح والنهج البناء أساسية لتقييم مفيد.

اذا كنا على درايةٍ كافيةٍ بالموضوع تمكننا من القيام بتقييمٍ جيدٍ، وإذا وجدنا موضوع البحث مثيراً للاهتمام، وإذا كان لدينا الوقت، فإنه من واجبنا كباحثين أن نقوم بمراجعاتٍ وتقييماتٍ جيدةٍ، حيث أن سلامة عملية التقييم بأكملها تعتمد على نوعية هذا التقييم الذي نكتبه.
المراجعة والتقويم تجربةٌ تعليميةٌ رائعةٌ ومثيرةٌ للاهتمام، تعطي الفرصة للاطلاع المباشر على بحوثٍ جديدةٍ، واكتساب نظرةٍ ثاقبةٍ في بنية حوارات وحجج المؤلفين.
الآن يأتي الجزء الصعب... نحمل بين أيدينا نتيجة أشهرٍ، وفي بعض الأحيان سنواتٍ من العمل الشاق، وسواء كنا نعتقد أن المخطوطة مليئةٌ بالأخطاء، أو أنها عملٌ عبقريٌّ أصيلٌ، فإن استجابتنا يجب أن تكون متأنيةً ومناسبةً.
من المفترض بالتقييمات أن تكون تحليلاتٍ نقديةً ومتعمقةً، وإن الاقتصار على كتابة بضعة أسطرٍ فقط من التعليقات لا يفيد الباحث الذي كتب المخطوطة، ولا المحرّر الذي يحاول اتخاذ قراره فيما إذا كان ينبغي نشر البحث أم لا، وهذا فقط سيبطئ الأمور ويسبب الإحباط للمحرّر والمؤلف في نهاية المطاف.
إنّ التّحديَّ الرّئيس عند تقييم بحثٍ هو جعل ما نقوله يعكس ما نعنيه فعلاً بحيث يكون مفهوماً بسهولةٍ من قبل المتلقي، حيث أنه من المهم له أن تكون المراجعة واضحةً ومهنيّةً ومفيدةً وتشمل اقتراحاتٍ يمكن تحقيقها لجعل المخطوطة قابلة للنّشر.
تتباين وجهات نظر الأكاديميين حول أفضل الطّرق لإجراء المراجعة النقديّة، وقبل البحث عن مؤشراتٍ محدِّدةً لجودة البحث، وطرح التساؤلات عنها، يجب أن نعثر على شيءٍ يمكننا الثناء عليه حقاً، وأن ننفتح على الأفكار الجديدة والمختلفة، أو الأشياء التي تتطلب التفكير بطريقة مختلفة.
عندما نمارس اختصاصاً محدداً معظمَ حياتنا قد يَسهُلُ علينا استبعاد واستهجان الأفكار الجديدة، وهذا خطأٌ كبيرٌ. الرؤى الجديدة شريان الحياة للمجالات الأكاديمية، والمعارف الجديدة يمكن أن تتخذ أشكالاً عديدةً سواء كانت بياناتٍ وتفسيراتٍ تجريبيةً، أو تطوراً في النظريات، أو مقالاتٍ تغير طريقة تفكيرنا في موضوع ما.
تختلف المجلات في تعليماتها وضوابطها لتقييم المخطوطات، ولكنها تجمع على ضرورة الإجابة عن تساؤلاتٍ ووجود مؤشراتٍ متفقاً عليها تدل على جودة البحث وقابليته للنشر، وفي جميع الأحوال يجب أن يتمّ التقييم كما نرغب أن يتمّ عند مراجعة مخطوطة تخصُّنا.
إنّ الهدف من التقييم أن يكون بناءً، وهذا لا يمكن تحقيقه باستخدام لغة مؤلمة مدمّرة ومراجعة سلبية مسيئة. فالعديد من المقيمين يستخدمون لغة غير مهذبة بما فيه الكفاية، ومن الضروري الحفاظ على اللباقة، وينبغي للمقيّم أن يستعرض المخطوطة بشكل عادل وكامل حتى لو كان ينتمي إلى اختصاص أو مجموعة بحثية منافسة، يمكننا عندما نجد أن هناك شيئاً لا نوافق عليه في المخطوطة أن نقول: "أنا لا أتفق مع المؤلفين حول هذا التفسير ولكنه وارد علمياً، ولنفسح المجال لهم للقيام بإيراد البراهين والحجج".
التقييم والمراجعة يتيح الفرصة للاطلاع على مخطوطاتٍ علميةٍ مثيرةٍ نتوق أحياناً بعد قراءتها أن نحكيَ عنها لزملائنا لولا وجوب الحفاظ على السريّة التّامّة.
وأخيراً، فإن النقد البنّاء والمحاولة الدائمة للعثور على شيءٍ يمكن الثناء عليه هو ما يجب أن يحصل، فهذا يساعد المؤلف على فهم النقاط المريحة المطمئنة، وأين يحتاج إلى تركيز جهوده.
 
دمشق – كانون الثاني (يناير) 2018 
 
الأستاذة الدكتورة فوزة منعم
أستاذة في كلية الصيدلة – جامعة دمشق  
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
المجلد 8 , العدد 5 , ربيع الآخر 1439 - كانون الثاني (يناير) 2018

 
 
SCLA