باب السياحة العلمية  


عودة إلى العناوين الرئيسية >>
 
جائزة نوبل "للحماقة" العلمية!!


هل سمعت عن جائزة لا يريدها أحد!! ولا يتمنى أحد من العلماء الحصول عليها؟! إنها: "إيج نوبل" أو جائزة نوبل للجهلاء. لا تظن الأمر مزحة أو طرفة، إنها جائزة موجودة بالفعل، ولها قيمة مادية، وتمنح كلّ عام للأبحاث العلمية عديمة المضمون والفارغة من أدنى فائدة تُرجى وللإنجازات غير المحتملة التي يجب منعها؛ والتي لا يجب تكرارها أبدًا؛ لعدم جديتها ولعدم جدواها.

وتغطي الجوائز عشرة مجالات مختلفة، ويتم منحها للفائزين في مراسم احتفالية شبيهة بجائزة نوبل الأصلية، في قاعة احتفال مهيبة بمسرح "هارفرد ساندرس”، ويشهد هذا الاحتفال العجيب حوالي 1200 مدعو، كما تتم إذاعته على الهواء مباشرة على الإنترنت، بالإضافة لوسائل البث الاعتيادية كالإذاعة والتلفاز. ويرأس لجنة الجوائز الدولية البروفسير "أبراهامز" عالم الرياضيّات السابق عالم الكومبيوتر رئيس تحرير مجلة "سجلات الأبحاث المستبعدة (غير المحتملة)" التي تمنح الجوائز كل عام في نفس توقيت جائزة نوبل العالمية الأصلية، وتصدر عن جامعة كامبردج البريطانية.
يتراوح ترتيب البحوث الفائزة بالجوائز من الأسوأ إلى الأكثر سوءا وتقدم الجوائز للأبحاث الفاشلة الخالية من الهدف الواضح وعديمة المعنى والمفهوم، في معظم المجالات التي تغطيها جوائز نوبل الأصلية كالجوائز العلمية التي تشمل علوم الأحياء، والاتّصالات، والطب، كما تقدم جوائز في الأدب والاقتصاد والسلام.
وإليكم بعض الأمثلة للجوائز التي حصل عليها بعض العلماء في مجالات الجائزة:
في علم الأحياء: ذهبت الجائزة الأولى لبحث يدرس تأثير طعم اللّبان "العلكة" على أمواج المخّ، وذهبت جائزة أخرى إلى عالمين نرويجيّين لدراسة قدموها عن تأثير الثّوم والبيرة والقشدة الحامضة على شهيّة الديدان الطّفيليّة.
وفي الطب: ذهبت الجائزة الأولى لبحث يدرس تأثير صوت المصعد على الجهاز المناعي للإنسان. وفي علم الأرصاد الجوية: منحت الجائزة الأولى لبحث يدعو لاعتماد صوت الدجاج كمقياس لسرعة الإعصار!!.. كما ذهبت إحدى الجوائز في الأدب إلى المحررين بمجلة "النصّ الاجتماعي" لموافقتهم على نشر بحث بلا معنى؛ ولم يفهمه أحد، والذي ادعى مؤلفه أن الواقع ليس موجودًا!! وظهر عنوان البحث بالشكل التالي ( الورق كان ينتهك الحدود: نحو تحول هيرمينيتاكيسي لخطورة الكم).
ومنحت جوائز عام 2000 مساء الخميس، 5 أكتوبر، في احتفال كبير عقد بجامعة هارفارد الإنجليزية الشهيرة، وتمت على هامش المناقشات التمهيدية لتحديد الفائز بجوائز عام 2000 مناقشة الذّكاءِ العظمى، والتي صمّمت لتحدد أذكى شخص في العالمِ. وشارك في هذه المسابقة عدد من أهم العلماء، والسياسيين، والموسيقيين، مثل: "كورزويل راي" مخترع الآلة التي تقرأ الكتب لفاقدي البصر، والمؤلف والفيلسوف، و"بول بيرمان" أذكى طالب فى جامعة هارفارد، و"مايكل بوم" فيلسوف وقنصل عامّ أسترالي، و"عثمان بكر" أذكى طالب فى جامعة إم آي تي، ومجموعة أخرى منتقاة بطريقة عشوائية. وكانت المفاجأة أن الفائز بهذه المباراة النقاشية بنت صغيرة بعمر 9 سنوات، بالرغم من أنها شاركت في المسابقة فى اللّحظة الأخيرة!!. ومنحت جوائز عام 2000 فى المجالات التالية: علم الكمبيوتر والاتصال: "كريس نيسواندر أريزونا"؛ لاختراع برنامج PawSense الذي يكتشف متى مشى القطّ على لوحة مفاتيح الكومبيوتر!
علم الأحياء: ريتشارد واسيرسج من جامعة دالهويسى؛ لتقريره العمليّ عن "الأتابيليتي النّسبيّ لبعض الفصول الجافّة على بعض الضفادع من الكوستاريكا." [ نشر فى مجلة عالم الأحياء الدّاخليّ الأمريكيّ، المجلّد 86 1971 يوليو 101-9]
علم الفيزياء: "أندر جييم" من جامعة نيجميجين (هولندا) والسيّد "ميكال بيري" من جامعة بريستول (المملكة المتّحدة) "استعمال مغناطيسات ترفع الضّفدع ومصارع السومو في الهواء". [ مرجع: "من السّفر ضفادع وليفيترونز" بم.ف. بيري وأ.ك. جييم صحيفة الفيزياء الأوربّيّة, 18, 1997, 307-13]
علم الكيمياء: "دوناتيلا مارازيتي"، "أليساندرا روسي"، و "جيوفاني ب. كاسانو" من جامعة بيسا، و "هاجوب س. أكيسكال" من جامعة كاليفورنيا (سان ديجو) للاكتشاف التالي، "بيوكيمياء الحبّ الرّومانسيّ قد تكون غير مختلفة عن التعب المتسلّط المفرط الشديد". [ مرجع: "تغيير حاملة serotonin صفيحة الدّم في الحبّ الرّومانسيّ" مارازيتي د, أكيسكال هس, روسي, بريطانيا العظمى كاسانو, سيكولوجيا الدواء, 1999, 29 ( 3 ) :741-5]
علم النفس: "ديفيد دنينج" من جامعة كورنيل و "جوستان كريجر" من جامعة إيلينوي؛ لتقريرهم المتواضع، "مبتدئ وغير مدرك منه: كيفية الصعوبات في تعرّف شخص ما على كفاءته الخاصّة يقود إلى تقييمات النفس المنفوخة." [ نشر بصحيفة "الشخصيّة وعلم النّفس الاجتماعيّ" المجلّد 77 , 6 , 1999 ديسمبر, صفحة 21-34 ]
علم الاقتصاد: "صن ماينج مون" ؛ لدراسة الفاعليّة والنّمو المنتظم لصناعة الزواج الكمي.
علم الدواء: "ويليبرورد"، و "ييجمار سكلتز"، و"أندل فان بيك"، و "إديورد مويارت جرونينجين" هولندا، و "إيدا سابيليس" من أمستردام؛ لتقريرهم الطبي عن تصوير بالرّنين المغناطيسيّ للأعضاء التناسلية أثناء الجماع والإثارة الجنسيّة" [ نُشر بالصحيفة الطّبّيّة البريطانيّة، المجلّد 319 , 1999]
الأدب: "كإلين جريف" من أستراليا، لكتابها "التّغذّي على الضوء" وتشرح في ذلك الكتاب أن البشر يأكلون الطعام في أيّ وقت بالرّغم من أنّ بعض الناس لا يحتاجون مثل هذا الطعام.
الرّعاية الصحية: "جوناثان ويات" و "جوردن مكنوجهتون" و"ويليام تليت" من جلاسجوو؛ لتقريرهم المفزع عن "انهيار المراحيض في جلاسجوو" [ نشر في الصحيفة الطّبّيّة الإسكتلنديّة، المجلّد 38 , 1993]
معنى الحماقة
قد يتساءل القارئ: ما معنى مثل هذه الحماقات؟ وهل وصل مثل هؤلاء العلماء المقدمين للجوائز والهيئات العلمية المشرفة على هذه الجائزة والجهات الصناعية والتجارية الممولة لهذه الجوائز لحالة من العبث والتفاهة والفراغ، أم أن لهم مغزى من هذه الجائزة ؟! .. يجيب البروفسير "أبراهامز" على هذا التساؤل فيقول: إنّ "إيج نوبيل" تمنح لعدة أسباب منها أن الكثير من الناس يعتقدون أنهم يجب أن يتم تكريمهم لعمل شيء ما، ويحاولون لفت الأنظار بأبحاث تأخذ شكلا علميًّا ولكنها بلا مضمون وبلا فائدة، بالرغم من حسن نواياهم البحثية، وأكد أن هذه الجائزة طريقة مؤثّرة نوعًا ما لتلقن مثل هؤلاء العلماء درسًا لن ينسوه، وتحثهم لتوخي الحذر في تخطيط وتنفيذ وعرض أبحاثهم العلمية والبعد كل البعد عما هو غث ورديء. وأضاف: أنها طريقة سرّيّة جدًّا لإغواء الناس بالتّفكير والتدبر في دور وأهمية العلم.. وبالرّغم من أنّ الجوائز قد تبدو انتقاديّة، فإن الجائزة لا تعرض تفاصيل النقد العلمي للأبحاث، بل تكتفي بإعطاء الجوائز بدون تعليق، ويذكر المقال العلمي المنشور ومكان نشرة فقط. ومن الممكن أن يرشّح العلماء أنفسهم للجوائز المرغوبة أو بالأحرى يرشحون أحد أعدائهم. وقد يلتمس ا
لكثير من العلماء الفائزين بهذه الجوائز العذر للجنة الجوائز بعد مراجعة أنفسهم، ورؤيتهم لأخطائهم الفادحة، بالرغم من سوء السّمعة العلمية التي تلتصق بمعظم الفائزين بمثل هذه الجوائز التي لا يريدها أحد. و أحمد الله على أن الأبحاث المنشورة فى الدوريات العربية العلمية لا تصل الى القائمين على هذه الجائزة، لأننا سنحتكر معظم هذه الجوائز، حيث آثر بعض المشتغلين بالعلم فى وطننا العربي الكبير العمل في صمت في كثير من المواضيع التي لا تُغني ولا تُفيد، لوجود بعض التقصير والتكاسل في اختيار نقاط البحث، ولوجود الكثير من العقبات المادية وانعدام التمويل اللازم للقيام بأبحاث تطبيقية ولعدم وجود الإمكانات العلمية والمعملية، ولحالة اليأس والإحباط الناجمة من نظرة المجتمع وسخرية الكثير من وسائل الإعلام من العلماء وأبحاثهم العلمية.
د. رحاب الصواف

عودة إلى العناوين الرئيسية >>

 
 
Copyright