توصل فريق للبحث العلمي في
الولايات المتحدة إلى تحديد أسباب تعدد الزوجات عند فئران
المراعي عن طريق زيادة إفراز نوع من البروتينات تجعل الفأر
يكتفي بعلاقة مع أنثى واحدة طوال حياته. فقد قامت الدكتورة
ميراندا ليم وفريقها من جامعة إيموري بزرع أحد الجينات في دماغ
فأر المراعي حث على زيادة إفراز هذا النوع من البروتين.
وكان الفريق قد عكف على فحص أدمغة نوعين من الفئران أحدهما
يحتفظ بأنثى واحدة طوال حياته وهو فأر البراري، في حين تتعدد
العلاقات عند فأر المراعي عبر مراحل حياته وتوصل الفريق إلى أن
أدمغة فئران البراري تحتوي على نسبة أعلى من أحد البروتينات
التي تستقبل هرمون "فازوبريسين" الذي تفرزه الغدة النخامية في
جزء له علاقة بالشعور بالإشباع والتعود. وتسهم مستقبلات هرمون
فازوبريسين في تنظيم السلوك الاجتماعي وفي اختيار الأليف
ثم قام الباحثون بإدخال فيروس يحمل جينا يحوي بدوره شيفرة
إنتاج البروتين الذي يعمل كمستقبلات هرمون فازوبريسين داخل
أدمغة فئران المراعي مباشرة.
وعندما تمت ملاحظة سلوك فئران المراعي المحورة (جينيا) خلال
الأيام التالية لوحظت زيادة مستقبلات هرمون فازوبريسين في
أدمغتها مع تعريضها لإناث من جنسها. فكان سلوك فئران المراعي
المحورة يشبه سلوك فئران البراري (أحادي الزوجية)، حيث اقتربت
من أليفاتها القديمة ولم تبحث عن أليفات جديدة، كما كانت تفعل
سابقا.
وفسر الباحثون ذلك بأن تزايد مستقبلات هرمون فازوبريسين قد
استحث لدى فأر المراعي الشعور بالإشباع نتيجة نجاحه في تكوين
علاقة مستمرة مع أليفة واحدة.
وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إثبات أن بالإمكان تحوير
السلوك الاجتماعي لأحد الأحياء بتأثير مورّث واحد فحسب، حيث
كان الاعتقاد السائد هو أن السلوك الاجتماعي ينشأ من أثر
مجموعة كبيرة من المورثات.
ويعتقد الباحثون أن هناك آلية مماثلة في كيمياء أدمغة الرجال.
وسواء تأكد ذلك علميا أو لم يتأكد، فإن هذا الاكتشاف قد يؤدي
إلى فهم أفضل لكيفية تكوين البشر للعلاقات الاجتماعية. ويؤمل
أن يساعد هذا الاكتشاف على إيجاد علاج لمرض التوحد الذي يحدث
اضطرابا شديدا لقدرة الإنسان على تكوين العلاقات الاجتماعية